نداءات الأمل في مفازات الهلاك
صفحة 1 من اصل 1
نداءات الأمل في مفازات الهلاك
نداءات الأمل في مفازات الهلاك
نداءات … نداءات … نداءات
نداءات … نداءات … نداءات
نداءات الأمل في مفازات الهلاك … نداءات الهدى في جهالات الضلال … نداءات الحق في أوهام الخيال .
يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك .
يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ، ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب وما قدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز .
لقد جاء منادي الحق ينادي أن اعبدوا الله مالكم من إله غيره …
فصار يهتف في طوفان نوح عليه السلام لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وراح يصدع في قوم الخليل عليه السلام وقد أبرموا أمرهم وأوقدوا نارهم أن حسبي الله ونعم الوكيل … فجاءت بشرى يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم وجاء متحديا سحر آل فرعون وجـبروته بأن معي ربي سيهدين … فانقلب السحر على الساحر وجاء تثبيت أنك أنت الأعلى وانتهت المؤامرة بانقلاب السحرة الكفرة إلى شهداء بررة وليرفعوا لافتة آمنا برب العالمين رب موسى وهارون … وتمخض عن دعاء زكريا عليه السلام إذ نادى ربه نداءا خفيا … ربي إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك ربي شقيا … فهب لي من لدنك وليا … ولا تذرني فردا … فجاءته الملائكة تزف له البشرى ؟ إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا … فما استكثر ذلك واستعظمه بوجود المانع وانتفاء الشرط فالمرأة عاقر والكبر عتي حاضر والعظم واهن والرأس اشتعل شيبا ، قال كذلك قال ربك هو عليّ هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا .
وجاء بالحق ينادي في غيابات الفتنة بعد غيابات الجب عائذا بالله … وقد غلقت الأبواب وقالت هيت لك … فقال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون … فهب عليه نسيم النجاة ( كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء انه من عبادنا الصالحين ) … ثم آل إلى السجن ليرسم للدعاة أن التوحيد ليس حكرا على حال … ( يا صاحبي السجن ، أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار ، ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباءكم ما أنزل الله بها من سلطان إن الحكم إلا لله أمر أن لا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيّم ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) وختم بالحبيب عليه أفضل الصلوات وأذكى التحيات في مؤامرة القتل والإبادة قائلا يا أبى بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما وتصدق السماء قول الحبيب عليه السلام ( إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا ) …
فالحمد لله في الأولى والآخرة ، الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ، الحمد لله الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ولم يشاركه في الملك أحد الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون ، لا نحصي ثناءا عليه هو كما أثنى على نفسه سبحانه ، وأنى لنا ذلك وله كل كمال وكل جلال ، وكل ثناء وكل مجد ، وكل مدح وكل حمد ، وكل عز وكل جمال ، وكل خير وإحسان وجود وفضل منه وإليه ، فما ذكر اسمه جل وعلا في قليل إلا كثره ، ولا عند ضيق إلا وسعه ، ولا تعلّق به ضعيف إلا أفاده القوة ، ولا ذليل إلا أناله العزة ، ولا فقير إلا أصاره غنيا ولا مستوحش إلا آنسه ، ولا مغلوب إلا أيده ونصره ولا مضطر إلا كشف ضره ، ولا شريد إلا آواه ، فبه تكشف الكربات وتستنزل البركات وتجاب الدعوات وتقال العثرات ، وتستدفع السيئات ، وتستجلب الحسنات ، وباسمه تعالى قامت الأرض والسموات ، وأنزلت الكتب وأرسلت الرسل وشرعت الشرائع وقامت الحدود ، وانقسمت الخليقة إلى السعداء والأشقياء ، وبه حقت الحاقة ووقعت الواقعة ووضعت الموازين القسط ، ونصب الصراط ، وقام سوق الجنة والنار فهو سر الخلق والأمر ، فالخلق به وإليه ولأجله ، قال تعالى : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) …
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إلاها واحدا أحدا فردا صمدا جل عن الأشباه والأمثال، وتقدس عن الأضداد والأنداد والشركاء والأشكال ، فلا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع ولا ينفع ذا الجد منه الجد … قلوب العباد ونواصيهم بين اصبعين من أصابعه وفي قبضته ، لا راد لحكمه ولا معقب لأمره ، الأول الذي ليس قبله شيء والآخر الذي ليس بعده شيء والظاهر الذي ليس فوقه شيء والباطن الذي ليس دونه شيء ، تبارك وتعالى على كل شيء قدير وقد أحاط بكل شيء علما ، فهو السميع الذي يسمع ضجيج الأصوات على اختلاف اللغات على تفنن الحجات فلا يشغله سمع عن سمع ولا تغلطه المسائل ولا يتبرم بالحاح السائلين في سؤاله ، وهو البصير الذي يرى دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلية الظلماء حيث كانت من سهله أو جباله ، العليم الذي يعلم السر وما يخفى في عاجل الأمر وآجله ويعلم ما لم يكن لو كان كيف تكون أحواله ، فالغيب عنده شهادة ولا يعزب عن علمه مثقال ذرة في أرضه أو سماءه ، وهو الغني بالذات عن خلقه وكل خلقه إليه فقر في كل أحواله …
سبحان ذي الجلال والإكرام وذي الفضل والإنعام ، فلو كان الشجر كله أقلاما تكتب والبحار كلها مدادا يمدها وهي تكتب بالليل والنهار عن عظمته وكبريائه ونعوت جلاله وجماله وكماله لنفذت دون أن تحصى عليه الثناء … فلا إله إلا الله رب الأرض والسماء …
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله القائم بحقه ، وأمينه على وحيه ، وخيرته من خلقه أرسله الله رحمة للعالمين ، وإماما للمتقين ، وحسرة على الكافرين ، وحجة على الخلق أجمعين ، بعثه على حين فترة من الرسل وغباوة من الأمم وانقطاع من الزمان ، فهدى به إلى أقوم الطرق وأوضح السبل وافترض على العباد طاعته وتعظيمه وتوقيره والقيام بحقوقه ، وسد إلى جنته جميع الطرق فلم يفتح لأحد إلا من طريقه ، فلم يزل صلى الله عليه وسلم قائما بأمر الله لا يرده عنه راد ، ومستمرا في مرضاة الله لا يصده عن ذلك صاد إلى أن أشرقت الدنيا برسالته ضياءا وابتهاجا ، ودخل الناس في دين الله أفواجا أفواجا ، وسارت دعوته مسير الشمس فى الأقطار ، وبلغ دينه القيم ما بلغ الليل والنهار فصلوات الله وسلامه عليه كلما غرد طير وطار … أما بعد :-
فإن الله سبحانه لم يخلق خلقه سدى هملا ، بل جعلهم للأمر والنهي محلا ، فلم يخلق سماءا مبنية ولا أرضا مدحية ولا إنساً ولا جان إلا لعبادته وحده دون ما سواه … قال تعالى : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) …
فانقسم الناس إلى شقي وسعيد ، ومقرب وبعيد ، وأعطاهم مواد العلم والعمل من القلب والسمع والبصر والجوارح نعمة منه وتفضيلا فمن استعمل ذلك في طاعته فقد اتخذ إلى مرضاة الله سبيلا ، وفاز فوزا مبينا ومن استعمله في شهواته وهواه ولم يرع حق خالقه فقد خسر خسرانا مبينا وسوف يحزن حزنا طويلا ، فإنه لا بد من الحساب على حق هذه الأعضاء لقوله تعالى : ( إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا ) …
اعلم رحمك الله ووفقك لكل خير بأن الله جل وعلا خلق عباده موحدين حنفاء فاجتالتهم الشياطين وأغارت على قلوبهم ، وألقت عليهم شراك الغلو والفتنة وألبست عليهم الحق بالباطل حتى استحسنوه تحت مظلة الحب للأولياء والصالحين فأوحت إلى أولياءها زخرف القول غرورا ، أن علامة صدق المحبين … خيال في العيون ، وذكر في اللسان ، ومثوى في الفؤاد بلا غياب …
فأوحت إليهم بعد موت الصالحين أن صوروا صور الصالحين واصنعوا تماثيل الأولياء وارفعوا قبور الأنبياء فإنه أولى بالمحبين وذكرى للمشتاقين … واقنعــت المخالفين بأن هذا إنما محض ذكر الأولياء …
فلما طال عليهم الأمد وانتكست الفطرة ، وطالت الفترة ، ونسخ العلم وحل الجهل ، وهلك القوم ، وأنسيت الفكرة … جاء قوم آخرون فالبسوا الحق بالباطل فصيروها أوثانا وأصناما تعبد من دون الله، وعلامة ودليلا على الأنبياء والأولياء ثم اتخذت بعدئذ مفاتيح الغوث والدعاء وترياق العليل والشفاء …
واستوى الأنبياء والأولياء بالله تعالى رب الأرض والسماء فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين ، وأنزل الكتاب بالحق والميزان ، فأفصحوا عن نعوت جلاله وكماله وصفات كبريائه وعظمته …
فاجتمعوا على كلمة واحدة … أن اعبدوا الله ما لكم من إله غيره …
وكشفوا عن حيلة إبليس بإتخاذ الأنداد والوسطاء والشفعاء ، بأن هذا الاعتقاد إنما هو سؤ ظن برب العالمين ، السميع ، العليم ، المجيب …
وهو محض تعطيل للأسماء الحسنى والصفات العلى … وهو تشبيه الخالق بالمخلوق ، والرازق بالمــرزوق ، الحي القيوم الذي لا يموت ، بالعبد الفقير الذي لا يملك لنفسه موتا ولا حياة ولا نشورا …
قال تعالى : ( الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون ) ، أي يجعلون له ندا مساويا من خلقه …
وإذا جاء يوم القيامة يوم الحسرة والندامة يوم تبلى السرائر وتتجلى الحقائق وتنكشف الضمائر بين يدي الحائر والمكابر ، يشهد أولئك بالقسم الصريح أنهم كانوا في ضلال مبين … قال تعالى : ( تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين ما أضلنا إلا المجرمون ) …
ولعمر الله .. إنه الضلال المبين ، والطريق المظلم البهيم ، والصراط الأعوج المهين ، وسوء الظن برب العالمين ، وتشبيه العلي القدير بالعبد الفقير الأسير .
حيث زعموا بالقياس الفاسد البعيد ، أن الدخول على الله بالدعاء أمر عسير وأنه لا يجيب من دعاه ولا يسمع من ناداه إلا بواسطة الأولياء والصالحين كالدخول على الرؤساءء والأمراء فإنه لا يكون إلا بواسطة المقربين والوزراء … فما أقبح هذا القياس والتشبيه وما أظلمه وأفسده فهو قياس مع الفارق الكبير ، كالفرق بين السيد والعبد والخالق والمخلوق والمالك والمملوك …
فكيف يقاس الله ذو الجلال والإكرام ، بالسلطان العبد الفقير إلى الله فإن الملك أو السلطان لا يعلم ما وراء الجدران وهو محتاج أبدا إلى الجواسيس والأعوان … والله تعالى العليم الخبير الذي يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف كان …
والملك أو السلطان يحتاج إلى الجنود والحرس والأعوان ليدفعوا عنه الكيد والعدوان … والله تعالى القوي العزيز أمره بين الكاف والنون متى أراد شيئا كان …
والملك أو السلطان يحتاج إلى الطعام والشراب والنوم والخلان والله تعالى الغني عن العالمين تقدس عن الخلق أجمعين واستغنى عن الولدان والزوجات والخلان …
وهذا سر الحكم بالشرك والكفران على من اتخذ الأولياء شفعاء ووسطاء إلى الله … فإن دعاء الوسطاء والشفعاء إنما هو تشبييه وتعطيل … تشبيه الخالق بالمخلوق ، وتعطيل الأسماء والصفات هذا وقد أبطل القرآن الكريم زعم المشركين أنهم لم يعبدوا الشفعاء والوسطاء وإنما جعلوهم باب الله الذي منه يدخلون ، فيتوكلون عليهم وإليهم يلجأون ، واعتبر ذلك كفرا وشركا قال تعالى : ( ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله ) فأنكر عليهم مبطلا دعواهم ورادا حجتهم حجة التوسل والتشفع في تقريع وتوبيخ بقوله : ( قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السموات والأرض سبحانه وتعالى عما يشركون ) …
إي أنه سبحانه ليس بحاجة إلى وسيط أو شفيع ليرفع إليه حاجات الخلق لأنه لا يخفى عليه شيء من حال عباده ، بل أنكر عليهم التوسط بالأولياء والصالحين موضحا أن الأولياء والصالحين عباد أمثالهم لا يملكون لأنفسهم جلب نفع أو دفع ضر ، فضلا أن يكشفوا عنهم ضرا أو يحولوا عنهم سوءا بل إنهم مع قربهم منه جل وعلا يتقربون إليه بالخوف منه والرجاء في رحمته ، قال تعالى : ( قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا ، أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا )
وقال تعالى : ( ألا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم في ماهم فيه يختلفون إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار ) ، فما أشبه اليوم بالبارحة فإن عامة الناس اليوم يقولون إذا أمرتهم بإخلاص الدعاء والعبادة لله وحده وترك دعاء الأولياء والصالحين … ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى …
إذا علمت هذا علمت أنه لم يحسن الظن بربه من سأل غير الله ونسب إليه الرزق والشفاء والمولد والـدواء … وما أحسن الظن بالله من نسب الخير والنعمة إلى الأئمة والأولياء … والشر والنقمة لله … وعلمت أنـه ما أشرك أحد في هذا الملكوت إلا وهو مشبه للمخلوق بذي الكبرياء والجبروت ، وسوى الله رب الأرباب ، بالعبد الفقير التراب ، سوى الله جل وعلا بالعبد الذي ناصيته بيد الله ، ونفسه بيد الله ، وقلبه بين اصبعين من أصابعه يقلبه كيف يشاء ، وحياته بيد الله ، وموته بيده ، وسعادته بيده وشقاوته بيده وحركاته وسكناته وأقواله وأفعاله بإذنه ومشيئته ، فلا يتحرك إلا بإذنه ولا يفعل إلا بمشيئته ، وإن وكله إلى نفسه وكله إلى عجز وضيعة وتفريط وذنب وخطيئة وإن وكله إلى غيره وكله إلى من لا يملك له ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا وإن تخلى عنه استولى عليه عدوه وجعله أسيرا …
وهذه آيات القرآن الكريم تخاطب العقل والفطرة والجنان لمن ألقى السمع واعيا واحضر القلب شاهدا ( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ) … حيث يبين الله جل وعلا أن سر الخلق والأمر هو العبودية لله ، فما استحق الأنبياء والأولياء المدح والثناء إلا بقيامهم بالعبودية لله، قال تعــالى : ( سبـحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ) وقال : ( واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار ) ، وقال عن أيوب عليـه السـلام : ( نعم العبد إنه أواب ) ، وقال : ( فاعبده واصطبر لعبادته ) ، وقال عن الملائكة : ( بل عباد مكرمون ) ، وقال : ( إياك نعبد وإياك نستعين ) .
أراءيتم إخواني الكرام فإن منهج العبودية لا يقبل إلا الحصر والتخصيص وهذا معنى شهادة لا إله إلا الله التي أفادت النفي والإثبات ، نفي الألوهية عما سوى الله وإثباتها حصراً لله … أي لا معبود بحق إلا الله …
والعبادة إنما هي الأقوال والأعمال التي يحبها الله ويرضاها الظاهرة والباطنة كالدعاء والصلاة والذبح والخوف والرجاء والاستعانة والتوكل والنداء … وهذه بمجموعها لا ينبغي منها شيء إلا لله إخلاصا لا شائبة فيه أو رياء … قال تعالى : ( ألا لله الدين الخالص ) ، وقال تعالى : ( فاعبد الله مخلصا له الدين ) كإخلاص يوسف عليه السلام وقد غلقت الفتنة عليه الأبواب وقالت هيت لك بلا حياء أو ارتياب بداعي الفتوة والشباب ، فأدرك أن لا ملجأ ولا منجا من الله إلا إليه ، فانقطع عن جميع الأسباب ، وأعرض عن جميع الأبواب ، فألقى نفسه على باب سيده ومولاه فقال … معاذ الله … فاستحق أن يخلد في الكتاب ( كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين ) …
وإخلاص يونس عليه السلام في ظلمات الهم والغم وشدة الحزن والكرب وقد أحاطت به من كل حدب وصوب فنادى في بطن الحوت وهو مكظوم وأطرق أبواب السماء بالدعاء … لا إله أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاخترق الدعاء السموات وبدد الظلمات وجاءته بشارات النجاة … فاستجبنا له ونجيناه من الفم ، وجعلها الله سنة للمؤمنين في كشف الكربات … وكذلك ننجي المؤمنين … قال تعالى : ( وهو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين ) فشتان بين من يندب إلهه وربه عند الكرب والشدة وبين من يندب عليا عليه السلام قائلا يا علي يا أبا الشدات أدركني … ؟! فسبحان ربي العظيم كيف وصلت الأمة إلى هذا الخذلان المبين والجهل المطبق العظيم حيث فاقوا الأولين في الإشراك ، فإن الأولين إنما كانوا يشركون في الرخاء وإذا أصابهم الكرب والشدة أخلصوا لله بالدعاء . قال تعالى : ( فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون ) أما اليوم فإنهم إذا أصابهم الكرب وماج بهم البحر فلا تسمع إلا صرخات الدعاء يا علي … يا جيلاني … يا رفاعي فلا إله إلا الله …
رد: نداءات الأمل في مفازات الهلاك
ولو سألت عن مذاهب المجرمين وطرائق الضالين لوجدت أضل خلق الله من أشرك في عبادة الله جل وعلا أحدا من الصالحين والأولياء وهو يعتقد أن الولي يسمع سره ونجواه … قال تعالى : ( ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون ) وقال تعالى: ( يدعو من دون الله ما لا يضره ولا ينفعه ذلك هو الضلال المبين ) .
لذلك جاء النهي الصريح من غير إشارة أو تلميح ، عن دعاء غير الله تعالى ، على وجه العموم والتوضيح ، فقال تعالى : ( فلا تدعو مع الله أحدا ) ومعلوم في جميع مذاهب العلماء ومدارك العقلاء أن النكرة إذا جاءت في سياق النهي لا تفيد إلا العموم … وقال تعالى : ( قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله لما جاءني البينات من ربي وأمرت أن أسلم لرب العالمين ) …
فهذا بيان قد بان لكل ذي بصر وعيان أن الدعاء لغير الله الواحد الديان مناف لدين الإسلام وعين الشرك برب العالمين …
قال تعالى : ( قل إنما أدعوا ربي ولا أشرك بربي أحدا ) وقال تعالى : ( وادع إلى ربك ولا تكونن من المشركين ) ، وقال تعالى : ( ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا ) .
ومع يقين المشرك وإيمانه وإصراره والتزامه ، فلا يزال يعيش في أوهامه وينتظر لحظة لقاءه بالأولياء والصالحين ، إذا أذن الله تعالى ليوم الدين ، هنالك تظهر الحسرات وتتعالى الصرخات وتخيم الندمات، عندما يتبرأ الملائكة والأنبياء والصالحين والأولياء من كل شرك وعبادة لهم أو دعاء ، فينقلب الأمر عليهم بما لم يكن بالحسبان … قال تعالى : ( وإذا رأى الذين أشركوا شركاءهم قالوا ربنا هؤلاء الذين كنا ندعو من دونك ، فألقوا إليهم القول إنكم لكاذبون ) … فيا حسرة من أشرك وهو يثق بيقـين ، أن الأوليــاء والصالحين شفعاء المشركين فيفاجأ أنه ( ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع ) … ويا حسرته وهو يتطلع إلى من أشرك وهو يرقبه بلهفة ورغبة وتربص وطمع أن ينفس كربته وأن يرحم زلته وأن يشفع فكرته فيجد الأمر كله لله الواحد القهار … وبعد هذه اللهفة والرغبة يأتيه الجواب ( فألقوا إليهم القول إنكم لكاذبون ) ثم يتبع ذلك بالبراءة من شرك المشركين بقولهم ( تبرءنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون ) وما أمرناهم بذلك بل كانوا يعبدون الشياطين ، ونسوا وصية رب العالمين ، وعهده على الآدميين قال تعالى : ( ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم ) …
وأنى للأنبياء والأولياء أن يصدّقوا على الشرك بالله تعالى وقد كانوا هم يدعون ربهم رغبا ورهبا وكانوا لله خاشعين … بل الأنبياء هم الذين جاءوا بالكتاب المبين الذي يحكم على الشرك بالله العظيم أنه الكفر الأكبر المبين ، وعلى ذلك درج الأولياء والصالحين يدعون إلى توحيد الله وحده دون ما سواه ويحذرون من الشرك بالله قال تعالى : ( فادعوا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون ) وقال تعالى : ( حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفنهم قالوا أين ما كنتم تدعون من دون الله قالوا ضلوا عنا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين ) … لذلك يشهد المشركون بعد أن تتجلى الحقيقة في يقين أنهم إذا كانوا يلهثون في سراب وينادون من لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنهم شيئا فيقرون بهذه الحقيقة المرة أنهم كانوا في ضلال بل لم يكونوا في الحقيقة يدعون شيئا ، قال تعالى : ( ثم قيل لهم أين ما كنتم تشركون من دون الله قالوا ضلوا عنا بل لم نكن ندعوا من قبل شيئا كذلك يضل الله الكافرين ) .
إخواني الكرام ...
كم من داع اليوم يدعو باللفظ الصريح … يا علي ، يا جيلاني ، يا عباس … وكم من داع اليوم يدعو وهو يعتقد أن الأولياء يسمعوه حيثما كان وفي أي مكان ، وكم من داع اليوم يدعو وهو يعتقد أن الأولياء على كل شيء يقدرون وأنهم اختصاص في كشف المضرات وإغاثة اللهفات … وكم من خائف وجل مرتجف أن يحلف بالإمام زورا وبهتانا وهو ليس كذلك عندما يحلف برب الإمام …
إن هذا الاعتقاد يجعل الإمام ندا لله في العبادة … فالعباس عليه السلام عبد لله لم يكن على كل شيء قدير ولم يكن قد أحاط بكل شيء علما ولا زعم ذلك حاشاه بل كان يعرف قدر نفسه كونه عبدا لله والعباس عليه السلام أعلم الناس بقول الله : ( قل لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء ) وهذا في حق جده الرسول عليه الصلاة والسلام وهو له من باب أولى … وهذه حقيقة ناطقة فإن العباس عليه السلام لم يكن يعلم مؤامرة أهل العراق ولا خيانتهم لسيد شباب أهل الجنة بل فوجئوا بالخيانة والفرار ولم يكن يستطع أن يدفع القتل عن نفسه وقاتل حتى قتل شهيدا عليه السلام …
فعندما يدعوه مائة شخص في العراق ومثلهم في الهند ومثلهم في أمريكا . فالعباس عليه السلام لا يستطيع أن يسمع في الحياة ولا أن يعلمهم فكيف وقد مات عليه السلام بل هذا الأمر من خصائص الله الذي يعلم السر وما يخفى ويسمع السر والنجوى ويجيب دعوة المضطر إذا دعاه ويكشف السوء، أما العباس عليه السلام وعامة الأولياء والصالحين ليس لهم من ذلك شيء وإليك على ذلك الدليل والبرهان ، قال تعالى : ( وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله ) ومعلوم أن دعاء غير الله تأليه له كما قال تعالى : ( فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شيء ) فما من المسيح عليه السلام إلا أن يقول الحقيقة التي أشرنا إليها آنفا فقال : ( ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد ) فأنعم النظر في قوله تعالى : ( وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم ) أي ليس لي علم إلا بما شاهدته وحضرته حال عيشي بينهم … ثم قارن ذلك مع قوله تعالى : ( فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم ) أما أنا فغائب عنهم لا أعلم من أحوالهم شيئا بل هذا إليك أنت وحدك ( وأنت على كل شيء شهيد ) ومثل هذا المعنى جاء في حديث الحوض حيث يذاد أناس من الأمة ويحال بينهم وبين رسول الله عليه الصلاة والسلام عند الحوض فيقول : ( امتى امتى ) فيقال له : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، على هذا المعنى الدليل الصريح ونبأ العليم الخبير ، قال تعالى : ( إن تدعوهم لا يسمعوا دعائكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير ) .
فيا خسار من أعرض عن الله في كربه وبلواه وألقى نفسه على العبد المخلوق ويا خسار من بغى ومن تعدى وطغى على الله العلي المولى ، السامع لكل شكوى
يا صاحب الهم إن الهم منفرج أبشر بخير فإن الفـــارج الله
الله يحدث بعد العسر ميسـرة لا تجزعن فإن الكـــافي الله
وإذا بليت فثق بالله وارض به إن الذي يكشف البلوى هو الله
واللـه ما لك غير الله من أحد فحسبـك الله في كــل لك الله
قال تعالى : ( وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير ) ، وقال تعالى : ( أمّن يجيب دعوة المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أءله مع الله … ) هذا أيوب عليه السلام ألمت به المصيبة وأحاط به الكرب واشتد عليه البلاء ، فعمد إلى جبة العبودية فلبسها وألقى نفسه على عتبات باب أرحم الراحمين ورفع لافتة الذل والانكسار ولسان حاله ومقاله يهتف يا الله … وقدم إحسان الله ونعمته عليه وربو بيته إياه بقوله ربي .. ثم اتبع ذلك مناجاة المخلصين .. إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين .. في استكانة وأدب وانكسار فجاءته فاء التعقيب والفوز بالبشرى .. فكشفنا ما به من ضر .. وتقلد وسام القدوة للعابدين .. وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة منا وذكرى للعابدين ..
فالله أيها الأحباب الكرام هو الذي كشف ضر أيوب عليه السلام وهو الذي حفظ موسى بالتابوت وهو الذي نجى يونس من بطن الحوت وليس ذلك لأحد كما يزعم المبطلون …
وهذا سؤال يطرح نفسه قائلا إذا أصابك الكرب هل يقدر الله على كشفه أم لا يقدر ؟ وهل يعلم حالك ويسمع صوتك ويجيب صرختك أم لا ؟ فإن كان الجواب بلا كان قائله أكفر الخلق برب العالمين نصا وإجماعا وإن كان الجواب نعم . فكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا .. قال تعالى : ( أليس الله بكاف عبده ) وهذا عين السؤال المتقدم فاختر لنفسك جوابا ، وقال تعالى : ( أمن يجيب دعوة المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ) فاختر لنفسك جوابا واختر لنفسك مجيبا .
تعال أخي الحبيب للنظر في الكتاب المجيد وهو يبين لك بأن الله هو القريب المجيب وأن غير الله تعالى لا يسمع ولا يجيب …
قال تعالى : ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان ) ، وقال تعالى : ( له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء ) ، وقال تعالى : ( قل أريتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته قل حسـبي الله عليه يتوكل المتوكلون ) ، وقال تعالى : ( ولو سمعوا ما استجابوا لكم ) ، وقال تعالى : ( ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون ) ، وقال تعالى : ( وقيل ادعوا شركاءكم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم ورأوا العذاب لو أنهم كانوا مهتدين ) .
ومعرفة ذلك وإدراكه إنما يكون بمعرفة صفات المخلوقين ملائكة وأنبياء و اولياء وصالحين … قال تعالى : ( والذين تدعون من دون الله لا يستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون ) ، فكم من نبي أوذي وكذب وقتل ، قال تعالى : ( أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون ) .
وقال تعالى ( ولا يستوي الأحياء ولا الأموات ) ، وقال تعالى : ( والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون أموات غيرأحياء ما يشعرون أيان يبعثون ) ، وفي هذه الآية نكتة عجيبة وكشف شبهة مريبة وهو قول أهل الإشراك والقبور إن هذه الآيات في حجارة الأصنام بالذات في عزى ومناة واللات ، فهل الأحجار تبعث من القبور ؟! لو كانوا يفقهون بل هذه الحجارة إنما هي تماثيل الصالحين وصورتهم وما سمي اللات لات إلا لأنه كان رجلا صالحا يلت السويق للحاج ثم انظر إلى استخدام } الذين { أداة صلة موصولة بالعقلاء على الدوام ، وليس لها أي علاقة بالجمادات فتأمل ذلك فإنها توصلك إلى الصواب بإذن الله ؟ وقال جل وعلا في ذكر العباد المألهين من دون الله بأن صفات العبودية لازمة لهم على كل حال ( ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صدّيقة كانا يأكلان الطعام ، انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون * قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا والله هو السميع العليم ) ، فتأمل أخي الكريم في قوله ( كانا يأكلان الطعام ) فإنها قاعدة مضطردة في جميع المعبودات من دون الله فإن الآية تبين أن عيسى عليه السلام وأمه كانا يأكلان الطعام ولا شك أن الجميع يعلم أنهما كانا يأكلان الطعام فلا بد أن الله تعالى أراد أن يبين بهذه الآية شيئا آخر وهو الإشارة إلى صفة الحاجة والفقر في المسيح وأمه وإن الحاجة والفقر لا يليقان بالإله فتعين كونهما مخلوقين عبدين لله وإنهما لا يملكان لأنفسهما ولا لغيرهما ضرا ولا نفعا …
لذلك جاءت الآية التي تلي هذه الآية مباشرة .. ( قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا وهو السميع العليم ) فقس عل ذلك باقي الأنبياء والصديقين والأولياء تحصل على الهداية والنجاة وهذا تقرير الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الذي سد جميع الأبواب في هذا الباب بطريق الأولى … كما جاء في الكتاب .
قال تعالى : ( قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ) .
وقال تعالى : ( قل إني لا أملك لكم ضرا ولا نفعا ) .
وقال تعالى : ( ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا ) .
وقال تعالى في الأولياء : ( فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا ) .
وقال تعالى : ( والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير ) .
أبعد هذه الآيات البينات يبقى لذي لب وعقل أدنى شك أو ظن في الفارق الكبير بين صفات الخالق والمخلوق ، من الإغاثة والإجابة والخلق والحفظ والشفاء وإنها لا تنبغي لغير الله … فمن أولى بصفات ، سميع ، بصير ، مجيب ، كاشف ، مغيث آلله تعالى أم العبد المخلوق الفقير فيا لله لو رأيت النساء والرجال عند قبور الأولياء من الأئمة والصالحين … وقد خشعت قلوبهم وذلت رقابهم وطأطأت رؤوسهم في ذلة وانكسار وبكاء وإلحاح وإصرار … رافعين أكف الضراعة إلى قاضي الحاجات ومجيب الدعوات ومغيث اللهفات … وهو يهز شباك الضريح … يندب ويصيح جئتك قاصدا فلا تخذلني وطالبا فلا تردني … منك أريد مرادي ومن غيرك فلا …
لذلك جاء النهي الصريح من غير إشارة أو تلميح ، عن دعاء غير الله تعالى ، على وجه العموم والتوضيح ، فقال تعالى : ( فلا تدعو مع الله أحدا ) ومعلوم في جميع مذاهب العلماء ومدارك العقلاء أن النكرة إذا جاءت في سياق النهي لا تفيد إلا العموم … وقال تعالى : ( قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله لما جاءني البينات من ربي وأمرت أن أسلم لرب العالمين ) …
فهذا بيان قد بان لكل ذي بصر وعيان أن الدعاء لغير الله الواحد الديان مناف لدين الإسلام وعين الشرك برب العالمين …
قال تعالى : ( قل إنما أدعوا ربي ولا أشرك بربي أحدا ) وقال تعالى : ( وادع إلى ربك ولا تكونن من المشركين ) ، وقال تعالى : ( ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا ) .
ومع يقين المشرك وإيمانه وإصراره والتزامه ، فلا يزال يعيش في أوهامه وينتظر لحظة لقاءه بالأولياء والصالحين ، إذا أذن الله تعالى ليوم الدين ، هنالك تظهر الحسرات وتتعالى الصرخات وتخيم الندمات، عندما يتبرأ الملائكة والأنبياء والصالحين والأولياء من كل شرك وعبادة لهم أو دعاء ، فينقلب الأمر عليهم بما لم يكن بالحسبان … قال تعالى : ( وإذا رأى الذين أشركوا شركاءهم قالوا ربنا هؤلاء الذين كنا ندعو من دونك ، فألقوا إليهم القول إنكم لكاذبون ) … فيا حسرة من أشرك وهو يثق بيقـين ، أن الأوليــاء والصالحين شفعاء المشركين فيفاجأ أنه ( ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع ) … ويا حسرته وهو يتطلع إلى من أشرك وهو يرقبه بلهفة ورغبة وتربص وطمع أن ينفس كربته وأن يرحم زلته وأن يشفع فكرته فيجد الأمر كله لله الواحد القهار … وبعد هذه اللهفة والرغبة يأتيه الجواب ( فألقوا إليهم القول إنكم لكاذبون ) ثم يتبع ذلك بالبراءة من شرك المشركين بقولهم ( تبرءنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون ) وما أمرناهم بذلك بل كانوا يعبدون الشياطين ، ونسوا وصية رب العالمين ، وعهده على الآدميين قال تعالى : ( ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم ) …
وأنى للأنبياء والأولياء أن يصدّقوا على الشرك بالله تعالى وقد كانوا هم يدعون ربهم رغبا ورهبا وكانوا لله خاشعين … بل الأنبياء هم الذين جاءوا بالكتاب المبين الذي يحكم على الشرك بالله العظيم أنه الكفر الأكبر المبين ، وعلى ذلك درج الأولياء والصالحين يدعون إلى توحيد الله وحده دون ما سواه ويحذرون من الشرك بالله قال تعالى : ( فادعوا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون ) وقال تعالى : ( حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفنهم قالوا أين ما كنتم تدعون من دون الله قالوا ضلوا عنا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين ) … لذلك يشهد المشركون بعد أن تتجلى الحقيقة في يقين أنهم إذا كانوا يلهثون في سراب وينادون من لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنهم شيئا فيقرون بهذه الحقيقة المرة أنهم كانوا في ضلال بل لم يكونوا في الحقيقة يدعون شيئا ، قال تعالى : ( ثم قيل لهم أين ما كنتم تشركون من دون الله قالوا ضلوا عنا بل لم نكن ندعوا من قبل شيئا كذلك يضل الله الكافرين ) .
إخواني الكرام ...
كم من داع اليوم يدعو باللفظ الصريح … يا علي ، يا جيلاني ، يا عباس … وكم من داع اليوم يدعو وهو يعتقد أن الأولياء يسمعوه حيثما كان وفي أي مكان ، وكم من داع اليوم يدعو وهو يعتقد أن الأولياء على كل شيء يقدرون وأنهم اختصاص في كشف المضرات وإغاثة اللهفات … وكم من خائف وجل مرتجف أن يحلف بالإمام زورا وبهتانا وهو ليس كذلك عندما يحلف برب الإمام …
إن هذا الاعتقاد يجعل الإمام ندا لله في العبادة … فالعباس عليه السلام عبد لله لم يكن على كل شيء قدير ولم يكن قد أحاط بكل شيء علما ولا زعم ذلك حاشاه بل كان يعرف قدر نفسه كونه عبدا لله والعباس عليه السلام أعلم الناس بقول الله : ( قل لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء ) وهذا في حق جده الرسول عليه الصلاة والسلام وهو له من باب أولى … وهذه حقيقة ناطقة فإن العباس عليه السلام لم يكن يعلم مؤامرة أهل العراق ولا خيانتهم لسيد شباب أهل الجنة بل فوجئوا بالخيانة والفرار ولم يكن يستطع أن يدفع القتل عن نفسه وقاتل حتى قتل شهيدا عليه السلام …
فعندما يدعوه مائة شخص في العراق ومثلهم في الهند ومثلهم في أمريكا . فالعباس عليه السلام لا يستطيع أن يسمع في الحياة ولا أن يعلمهم فكيف وقد مات عليه السلام بل هذا الأمر من خصائص الله الذي يعلم السر وما يخفى ويسمع السر والنجوى ويجيب دعوة المضطر إذا دعاه ويكشف السوء، أما العباس عليه السلام وعامة الأولياء والصالحين ليس لهم من ذلك شيء وإليك على ذلك الدليل والبرهان ، قال تعالى : ( وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله ) ومعلوم أن دعاء غير الله تأليه له كما قال تعالى : ( فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شيء ) فما من المسيح عليه السلام إلا أن يقول الحقيقة التي أشرنا إليها آنفا فقال : ( ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد ) فأنعم النظر في قوله تعالى : ( وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم ) أي ليس لي علم إلا بما شاهدته وحضرته حال عيشي بينهم … ثم قارن ذلك مع قوله تعالى : ( فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم ) أما أنا فغائب عنهم لا أعلم من أحوالهم شيئا بل هذا إليك أنت وحدك ( وأنت على كل شيء شهيد ) ومثل هذا المعنى جاء في حديث الحوض حيث يذاد أناس من الأمة ويحال بينهم وبين رسول الله عليه الصلاة والسلام عند الحوض فيقول : ( امتى امتى ) فيقال له : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، على هذا المعنى الدليل الصريح ونبأ العليم الخبير ، قال تعالى : ( إن تدعوهم لا يسمعوا دعائكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير ) .
فيا خسار من أعرض عن الله في كربه وبلواه وألقى نفسه على العبد المخلوق ويا خسار من بغى ومن تعدى وطغى على الله العلي المولى ، السامع لكل شكوى
يا صاحب الهم إن الهم منفرج أبشر بخير فإن الفـــارج الله
الله يحدث بعد العسر ميسـرة لا تجزعن فإن الكـــافي الله
وإذا بليت فثق بالله وارض به إن الذي يكشف البلوى هو الله
واللـه ما لك غير الله من أحد فحسبـك الله في كــل لك الله
قال تعالى : ( وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير ) ، وقال تعالى : ( أمّن يجيب دعوة المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أءله مع الله … ) هذا أيوب عليه السلام ألمت به المصيبة وأحاط به الكرب واشتد عليه البلاء ، فعمد إلى جبة العبودية فلبسها وألقى نفسه على عتبات باب أرحم الراحمين ورفع لافتة الذل والانكسار ولسان حاله ومقاله يهتف يا الله … وقدم إحسان الله ونعمته عليه وربو بيته إياه بقوله ربي .. ثم اتبع ذلك مناجاة المخلصين .. إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين .. في استكانة وأدب وانكسار فجاءته فاء التعقيب والفوز بالبشرى .. فكشفنا ما به من ضر .. وتقلد وسام القدوة للعابدين .. وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة منا وذكرى للعابدين ..
فالله أيها الأحباب الكرام هو الذي كشف ضر أيوب عليه السلام وهو الذي حفظ موسى بالتابوت وهو الذي نجى يونس من بطن الحوت وليس ذلك لأحد كما يزعم المبطلون …
وهذا سؤال يطرح نفسه قائلا إذا أصابك الكرب هل يقدر الله على كشفه أم لا يقدر ؟ وهل يعلم حالك ويسمع صوتك ويجيب صرختك أم لا ؟ فإن كان الجواب بلا كان قائله أكفر الخلق برب العالمين نصا وإجماعا وإن كان الجواب نعم . فكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا .. قال تعالى : ( أليس الله بكاف عبده ) وهذا عين السؤال المتقدم فاختر لنفسك جوابا ، وقال تعالى : ( أمن يجيب دعوة المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ) فاختر لنفسك جوابا واختر لنفسك مجيبا .
تعال أخي الحبيب للنظر في الكتاب المجيد وهو يبين لك بأن الله هو القريب المجيب وأن غير الله تعالى لا يسمع ولا يجيب …
قال تعالى : ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان ) ، وقال تعالى : ( له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء ) ، وقال تعالى : ( قل أريتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته قل حسـبي الله عليه يتوكل المتوكلون ) ، وقال تعالى : ( ولو سمعوا ما استجابوا لكم ) ، وقال تعالى : ( ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون ) ، وقال تعالى : ( وقيل ادعوا شركاءكم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم ورأوا العذاب لو أنهم كانوا مهتدين ) .
ومعرفة ذلك وإدراكه إنما يكون بمعرفة صفات المخلوقين ملائكة وأنبياء و اولياء وصالحين … قال تعالى : ( والذين تدعون من دون الله لا يستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون ) ، فكم من نبي أوذي وكذب وقتل ، قال تعالى : ( أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون ) .
وقال تعالى ( ولا يستوي الأحياء ولا الأموات ) ، وقال تعالى : ( والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون أموات غيرأحياء ما يشعرون أيان يبعثون ) ، وفي هذه الآية نكتة عجيبة وكشف شبهة مريبة وهو قول أهل الإشراك والقبور إن هذه الآيات في حجارة الأصنام بالذات في عزى ومناة واللات ، فهل الأحجار تبعث من القبور ؟! لو كانوا يفقهون بل هذه الحجارة إنما هي تماثيل الصالحين وصورتهم وما سمي اللات لات إلا لأنه كان رجلا صالحا يلت السويق للحاج ثم انظر إلى استخدام } الذين { أداة صلة موصولة بالعقلاء على الدوام ، وليس لها أي علاقة بالجمادات فتأمل ذلك فإنها توصلك إلى الصواب بإذن الله ؟ وقال جل وعلا في ذكر العباد المألهين من دون الله بأن صفات العبودية لازمة لهم على كل حال ( ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صدّيقة كانا يأكلان الطعام ، انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون * قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا والله هو السميع العليم ) ، فتأمل أخي الكريم في قوله ( كانا يأكلان الطعام ) فإنها قاعدة مضطردة في جميع المعبودات من دون الله فإن الآية تبين أن عيسى عليه السلام وأمه كانا يأكلان الطعام ولا شك أن الجميع يعلم أنهما كانا يأكلان الطعام فلا بد أن الله تعالى أراد أن يبين بهذه الآية شيئا آخر وهو الإشارة إلى صفة الحاجة والفقر في المسيح وأمه وإن الحاجة والفقر لا يليقان بالإله فتعين كونهما مخلوقين عبدين لله وإنهما لا يملكان لأنفسهما ولا لغيرهما ضرا ولا نفعا …
لذلك جاءت الآية التي تلي هذه الآية مباشرة .. ( قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا وهو السميع العليم ) فقس عل ذلك باقي الأنبياء والصديقين والأولياء تحصل على الهداية والنجاة وهذا تقرير الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الذي سد جميع الأبواب في هذا الباب بطريق الأولى … كما جاء في الكتاب .
قال تعالى : ( قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ) .
وقال تعالى : ( قل إني لا أملك لكم ضرا ولا نفعا ) .
وقال تعالى : ( ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا ) .
وقال تعالى في الأولياء : ( فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا ) .
وقال تعالى : ( والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير ) .
أبعد هذه الآيات البينات يبقى لذي لب وعقل أدنى شك أو ظن في الفارق الكبير بين صفات الخالق والمخلوق ، من الإغاثة والإجابة والخلق والحفظ والشفاء وإنها لا تنبغي لغير الله … فمن أولى بصفات ، سميع ، بصير ، مجيب ، كاشف ، مغيث آلله تعالى أم العبد المخلوق الفقير فيا لله لو رأيت النساء والرجال عند قبور الأولياء من الأئمة والصالحين … وقد خشعت قلوبهم وذلت رقابهم وطأطأت رؤوسهم في ذلة وانكسار وبكاء وإلحاح وإصرار … رافعين أكف الضراعة إلى قاضي الحاجات ومجيب الدعوات ومغيث اللهفات … وهو يهز شباك الضريح … يندب ويصيح جئتك قاصدا فلا تخذلني وطالبا فلا تردني … منك أريد مرادي ومن غيرك فلا …
رد: نداءات الأمل في مفازات الهلاك
ولو أدرت البصر ذات اليمين وذات الشمال أبصرت من الأحوال والأقوال ما تكاد تنشق له الأرض وتخر له الجبال هدا … أن زعموا لله ندا …
فهذه تصرخ في الشباك هناك … يا أبى الحسن انقطعت الأسباب ، وعجز الطب والطبيب ، وغلقت دوني الأبواب ، ولك عليّ القربان العظيم ، وما أطلب منك إلا الولد ، وإياك أدعوا يا لاهوت الأبد… ؟!
وتلك تدعو يا أبى فاضل لقد طالت الأيام وتباعد بي الزمان أسألك الزواج في العاجل قبل الآجل ولك عليّ الدهر كله … لك وعنك أفاضل ؟!
وأخرى تطلب الرزق والجاه ، وآخر يطلب كشف الضر بعاجل الشفاء وآجل التوفيق والعطاء …
وهم يتهامسون بينهم … ؟ اطلب كل شيء فهو يعطي الحاجة باليد وادعوه على من شئت فإنه ينتقم بالحال كما إن رأسه حار يقصم كل طاغية وجبار دون تأخير أو خيار ؟ ويسطرون لذلك الحكايات والقصص يحفظها الصغار والكبار ؟ وآخرون اتخذوا إلاها آخر هم به يثقون يدعونه في الشدة والغوث يا جيلاني يا من سمعت صوت الفتاة من الهند إلى بغداد يا غياث المستغيثين بقبقاب ؟! يامن يجيب الدعوات على اختلاف اللغات إياك أرجو قضاء حاجتي أن تنفس كربتي … وجعلوا لكل إمام نصيبه من الناس فهذا إمام العشيرة الفلانية وذاك سبع الدجيل فهو اختصاص في إغاثة أهل الدجيل … وآخر للجزيزة وآخر لعقم النساء وآخر للشفاء … وتقطعوا أمرهم بينهم كل قوم بما عندهم من الأولياء والقبور فرحون …
وما أبقوا شيئا يذكر لله اللهم إلا الحلف الكاذب في البيع والشراء فهضموا حقه تعالى وخالفوا أمره ، وما قدروا الله حق قدره وإذا ذكر الله وحده زمجرت وجوههم وضاقت صدورهم وإذا ذكر الأئمة والأولياء إذ هم يفرحون ويباركون ويقولون ما شاء الله عنده يقين ؟ أي في الإمام وحق عليهم قول الله تعالى : ( وإذا ذكر الله وحده اشمئزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون ) .
هذا الحال وغيره لا يحتاج إلى النظر والاستدلال ؟ فلو اختلفت مع أي منهم في البيع والشراء لغلق عليك جميع الحلول إلا أن تجعل العباس عليه السلام بينك وبينه كفيلا …
لاعتقاده أن الكاذب سوف يكون حسابه مع الكفيل فيطمئن ويرضى دون أي رد أو بديل ؟!
ولعمر الله إن هذا لهو الضلال البعيد والشرك الذي حرمه الله العزيز المجيد وحرم الجنة على أهله حتى يتوبوا إلى الله بالتوحيد .. قال تعالى : ( إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار ) وكتب على أهله أن لا يغفر لهم فقال : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما ) . وضرب في ذلك الأمثال فقال : ( مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون * إن الله يعلم ما يدعون من دونه من شيء وهو العزيز الحكيم * وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون ) ، وقال تعالى : ( يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنفذوه منه ضعف الطالب والمطلوب * وما قدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز ) .
فحذار أخي الحبيب الذنب العظيم والظلم العظيم ، إن الشرك لظلم عظيم ، فالله جل وعلا ليس كمثله شيء وهو السميع البصير … ومهما نقبت في نعوت الأنبياء والاولياء والعظماء والحكماء والملوك والرؤساء أعييت نفسك ولم تجد له سميا … وأتعبت عقلك ولم تدرك له شبيها سبحانه وتعالى عما ييصفون …
فمن الذي أضحك وأبكى .. ومن الذي أمات وأحيا .. ومن الذي أغنى وأقنى .. إنه الله جل وعـلا .. من الذي أهلك عادا الأولى وثمود فما أبقى إنه الله تبارك وتعالى .. ما من دابة إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها … وما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم .. الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى ..
وكل خلقه في قبضته وتحت قهره وعلمه لا يضل ربي ولا ينسى … إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا لقد أحصاهم وعدهم عدا وكلهم آتيه يوم القيامة فردا .. لا إله إلا هو الرحمن على العرش استوى …له ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى ، وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى …
فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون وبأي آلاء ربك تتمارى فإياك والهوى فإنه يقود إلى الهوان ويضل عن سبيل الله .
نون الهوان من الهوى مسروقة فإذا هويت فقد لقيت هوانا
ولا ترجع إلى الرضاع من الهوى بعد الفطام فالرضاع للصغار الأطفال لا للرجال ولا بد من الصبر على مرارة الفطام فإن صبرت كوفئت بحلاوة الإيمان بديلا من مرارة الهوى …
قال تعالى : ( إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم ) .
ولا تكونن في زمرة الأشقياء الذين ورثوا الضلال والشقاء عن الأجداد والآباء ، الذين يقولون عن حسرة الإقتداء : ( إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون ) .
وعليك بالقرآن الكريم والنور المبين الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد .
الذي جعله الله تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة للمؤمنين . فقال في أوضح العبارة وألطف الإشارة ما فرطنا في الكتاب من شيء ..
ثم تأمل في مواضيع الكتاب فهل ترى قبور الأنبياء والأولياء هل ترى دعاءا لغير الله هل ترى باب مزار يدعى باب المراد أو باب الحوايج ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير فلن تجد إلا بابا واحدا باب من يجيب المضطر إذا دعاه ويغيث المستغيث إذا ناداه .. يا الله .. باب العلي القدير .
ثم تأمل في الموضوعات فهل ترى ما يؤيد الطرق الموضوعات ؟ فإن طريقه القرآن لذي الألباب معروفة ولذي الأبصار محسوسة ملموسة في أساليب الإهتمام والإكثار من ذكر مسائل الدين الكبار كالتوحيد والصلاة والصيام والزكاة …
فأين الدليل على هذه الخرافات ؟ أين الدليل على الإمامة بالنص والتعيين التي أصبحت أعظم من التوحيد والصلاة ؟ أين الدليل على الطريقة التي يكون المسلم بغيرها في ضلال وحرمان ويكون شيخه الشيطان ؟ نبئونا بعلم إن كنتم صادقين … أين البرهان على قصد قبور الأنبياء والأئمة والأولياء للدعاء والشفاء أين دليل الزيارات التي تلازم العبد مدى الحياة أين دليل الطواف بالقبور والأضرحة وتنوع الطلبات على الإمام …
لو فتشت في جميع الآيات فإنك لن تجد إلا هيهات هيهات ومع هذا كله يأتي الدجالون والأفاكون ليوحوا إلى أولياءهم زخرف القول غرورا بالغلو والتعظيم أن الإمام علي عليه السلام كان مع الله في الأبد وأنه لا هوت الأبد وأنه كان قبل خلق الخلق ولأجله خلق وإنه هو الذي نجى جميع الأنبياء في الأزمات والكربات وغير ذلك من الأوهام والخيالات التي يضلون بها الناس بغير علم ولا دليل فإن هذا الاعتقاد يجعل الولي برتبة أعظم من النبي والرسول لا شك إن هذا هو الضلال المبين وتكذيب القرآن الكريم وعلى ذلك توقيع رب العالمين الذي نزل به الروح الأمين على سيد الأولين والآخرين بلسان عربي مبين فقال جل وعلا بعد ذكر طائفة النبيين : ( وكلا فضلنا على العالمين ) ، وقال تعالى: ( ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ) ، وقال تعالى : ( ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ) ، وقال تعالى : ( رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على حجة بعد الرسل ) .
هذا وإنني على يقين أن الصورة قد تجلت بوضوح لكل ذي عينين بأن الله جل وعلا واحد في الخلق وواحد في الأمر وواحد في العبادة وبهذا تبطل تعويذة إبليس و يزول الظن و التلبيس وما عليك إلا أن تقول لا إله إلا الله أمر أن لا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون .
فيا صاحب الذنب الكبير ويا مسيء الظن برب العالمين ألا من توبة وأوبة ورجعة إلى الله الواحد القهار ، فإن هذا الذنب العظيم والظلم العظيم ليس له إلا توبة من قلب صادق سليم يقول الله جل وعلا : ( والذين لا يدعون مع الله إلاها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا * إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما ) ، ولا بد من الإقلاع عن الذنب بالكلية دونما حنين ، فإنها علامة الصادقين ، قال تعالى : ( ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا ) …
ومن تاب ألقى نفسه بين يدي ربه وندم على ما قدمت يداه وجعل دمعته علامة على صدقه ، وحسرته وأنينه علامة على استقامة قلبه …
وعالج عاجله بالحسنات التي تمحو السيئات .
وجـعل شعاره التقوى في كل مكان ، فإنها شعار المؤمنين ودثار الصالحين ووصية الله في الخلق أجمعين …
وألقى ثوب الأماني وراء ظهره وجد في الطاعة والخدمة ونافس التجار في أنفس البضاعة ، فمن جد وجد ومن سار على الدرب وصل ومن سهر الليالي بلغ المعالي …
طوبى لعبد ألهث لسانه بذكر الله ، استغفر الله وأتوب إليه ، حسبي الله ونعم الوكيل ، لا قوة إلا بالله فإنه والله كفيل بأن يجعل لك من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا .
ومن يتقي الله يجعل له مخرجا … ومن يتوكل على الله فهو حسبه ، إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا …
وسبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .
فهذه تصرخ في الشباك هناك … يا أبى الحسن انقطعت الأسباب ، وعجز الطب والطبيب ، وغلقت دوني الأبواب ، ولك عليّ القربان العظيم ، وما أطلب منك إلا الولد ، وإياك أدعوا يا لاهوت الأبد… ؟!
وتلك تدعو يا أبى فاضل لقد طالت الأيام وتباعد بي الزمان أسألك الزواج في العاجل قبل الآجل ولك عليّ الدهر كله … لك وعنك أفاضل ؟!
وأخرى تطلب الرزق والجاه ، وآخر يطلب كشف الضر بعاجل الشفاء وآجل التوفيق والعطاء …
وهم يتهامسون بينهم … ؟ اطلب كل شيء فهو يعطي الحاجة باليد وادعوه على من شئت فإنه ينتقم بالحال كما إن رأسه حار يقصم كل طاغية وجبار دون تأخير أو خيار ؟ ويسطرون لذلك الحكايات والقصص يحفظها الصغار والكبار ؟ وآخرون اتخذوا إلاها آخر هم به يثقون يدعونه في الشدة والغوث يا جيلاني يا من سمعت صوت الفتاة من الهند إلى بغداد يا غياث المستغيثين بقبقاب ؟! يامن يجيب الدعوات على اختلاف اللغات إياك أرجو قضاء حاجتي أن تنفس كربتي … وجعلوا لكل إمام نصيبه من الناس فهذا إمام العشيرة الفلانية وذاك سبع الدجيل فهو اختصاص في إغاثة أهل الدجيل … وآخر للجزيزة وآخر لعقم النساء وآخر للشفاء … وتقطعوا أمرهم بينهم كل قوم بما عندهم من الأولياء والقبور فرحون …
وما أبقوا شيئا يذكر لله اللهم إلا الحلف الكاذب في البيع والشراء فهضموا حقه تعالى وخالفوا أمره ، وما قدروا الله حق قدره وإذا ذكر الله وحده زمجرت وجوههم وضاقت صدورهم وإذا ذكر الأئمة والأولياء إذ هم يفرحون ويباركون ويقولون ما شاء الله عنده يقين ؟ أي في الإمام وحق عليهم قول الله تعالى : ( وإذا ذكر الله وحده اشمئزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون ) .
هذا الحال وغيره لا يحتاج إلى النظر والاستدلال ؟ فلو اختلفت مع أي منهم في البيع والشراء لغلق عليك جميع الحلول إلا أن تجعل العباس عليه السلام بينك وبينه كفيلا …
لاعتقاده أن الكاذب سوف يكون حسابه مع الكفيل فيطمئن ويرضى دون أي رد أو بديل ؟!
ولعمر الله إن هذا لهو الضلال البعيد والشرك الذي حرمه الله العزيز المجيد وحرم الجنة على أهله حتى يتوبوا إلى الله بالتوحيد .. قال تعالى : ( إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار ) وكتب على أهله أن لا يغفر لهم فقال : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما ) . وضرب في ذلك الأمثال فقال : ( مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون * إن الله يعلم ما يدعون من دونه من شيء وهو العزيز الحكيم * وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون ) ، وقال تعالى : ( يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنفذوه منه ضعف الطالب والمطلوب * وما قدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز ) .
فحذار أخي الحبيب الذنب العظيم والظلم العظيم ، إن الشرك لظلم عظيم ، فالله جل وعلا ليس كمثله شيء وهو السميع البصير … ومهما نقبت في نعوت الأنبياء والاولياء والعظماء والحكماء والملوك والرؤساء أعييت نفسك ولم تجد له سميا … وأتعبت عقلك ولم تدرك له شبيها سبحانه وتعالى عما ييصفون …
فمن الذي أضحك وأبكى .. ومن الذي أمات وأحيا .. ومن الذي أغنى وأقنى .. إنه الله جل وعـلا .. من الذي أهلك عادا الأولى وثمود فما أبقى إنه الله تبارك وتعالى .. ما من دابة إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها … وما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم .. الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى ..
وكل خلقه في قبضته وتحت قهره وعلمه لا يضل ربي ولا ينسى … إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا لقد أحصاهم وعدهم عدا وكلهم آتيه يوم القيامة فردا .. لا إله إلا هو الرحمن على العرش استوى …له ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى ، وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى …
فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون وبأي آلاء ربك تتمارى فإياك والهوى فإنه يقود إلى الهوان ويضل عن سبيل الله .
نون الهوان من الهوى مسروقة فإذا هويت فقد لقيت هوانا
ولا ترجع إلى الرضاع من الهوى بعد الفطام فالرضاع للصغار الأطفال لا للرجال ولا بد من الصبر على مرارة الفطام فإن صبرت كوفئت بحلاوة الإيمان بديلا من مرارة الهوى …
قال تعالى : ( إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم ) .
ولا تكونن في زمرة الأشقياء الذين ورثوا الضلال والشقاء عن الأجداد والآباء ، الذين يقولون عن حسرة الإقتداء : ( إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون ) .
وعليك بالقرآن الكريم والنور المبين الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد .
الذي جعله الله تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة للمؤمنين . فقال في أوضح العبارة وألطف الإشارة ما فرطنا في الكتاب من شيء ..
ثم تأمل في مواضيع الكتاب فهل ترى قبور الأنبياء والأولياء هل ترى دعاءا لغير الله هل ترى باب مزار يدعى باب المراد أو باب الحوايج ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير فلن تجد إلا بابا واحدا باب من يجيب المضطر إذا دعاه ويغيث المستغيث إذا ناداه .. يا الله .. باب العلي القدير .
ثم تأمل في الموضوعات فهل ترى ما يؤيد الطرق الموضوعات ؟ فإن طريقه القرآن لذي الألباب معروفة ولذي الأبصار محسوسة ملموسة في أساليب الإهتمام والإكثار من ذكر مسائل الدين الكبار كالتوحيد والصلاة والصيام والزكاة …
فأين الدليل على هذه الخرافات ؟ أين الدليل على الإمامة بالنص والتعيين التي أصبحت أعظم من التوحيد والصلاة ؟ أين الدليل على الطريقة التي يكون المسلم بغيرها في ضلال وحرمان ويكون شيخه الشيطان ؟ نبئونا بعلم إن كنتم صادقين … أين البرهان على قصد قبور الأنبياء والأئمة والأولياء للدعاء والشفاء أين دليل الزيارات التي تلازم العبد مدى الحياة أين دليل الطواف بالقبور والأضرحة وتنوع الطلبات على الإمام …
لو فتشت في جميع الآيات فإنك لن تجد إلا هيهات هيهات ومع هذا كله يأتي الدجالون والأفاكون ليوحوا إلى أولياءهم زخرف القول غرورا بالغلو والتعظيم أن الإمام علي عليه السلام كان مع الله في الأبد وأنه لا هوت الأبد وأنه كان قبل خلق الخلق ولأجله خلق وإنه هو الذي نجى جميع الأنبياء في الأزمات والكربات وغير ذلك من الأوهام والخيالات التي يضلون بها الناس بغير علم ولا دليل فإن هذا الاعتقاد يجعل الولي برتبة أعظم من النبي والرسول لا شك إن هذا هو الضلال المبين وتكذيب القرآن الكريم وعلى ذلك توقيع رب العالمين الذي نزل به الروح الأمين على سيد الأولين والآخرين بلسان عربي مبين فقال جل وعلا بعد ذكر طائفة النبيين : ( وكلا فضلنا على العالمين ) ، وقال تعالى: ( ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ) ، وقال تعالى : ( ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ) ، وقال تعالى : ( رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على حجة بعد الرسل ) .
هذا وإنني على يقين أن الصورة قد تجلت بوضوح لكل ذي عينين بأن الله جل وعلا واحد في الخلق وواحد في الأمر وواحد في العبادة وبهذا تبطل تعويذة إبليس و يزول الظن و التلبيس وما عليك إلا أن تقول لا إله إلا الله أمر أن لا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون .
فيا صاحب الذنب الكبير ويا مسيء الظن برب العالمين ألا من توبة وأوبة ورجعة إلى الله الواحد القهار ، فإن هذا الذنب العظيم والظلم العظيم ليس له إلا توبة من قلب صادق سليم يقول الله جل وعلا : ( والذين لا يدعون مع الله إلاها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا * إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما ) ، ولا بد من الإقلاع عن الذنب بالكلية دونما حنين ، فإنها علامة الصادقين ، قال تعالى : ( ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا ) …
ومن تاب ألقى نفسه بين يدي ربه وندم على ما قدمت يداه وجعل دمعته علامة على صدقه ، وحسرته وأنينه علامة على استقامة قلبه …
وعالج عاجله بالحسنات التي تمحو السيئات .
وجـعل شعاره التقوى في كل مكان ، فإنها شعار المؤمنين ودثار الصالحين ووصية الله في الخلق أجمعين …
وألقى ثوب الأماني وراء ظهره وجد في الطاعة والخدمة ونافس التجار في أنفس البضاعة ، فمن جد وجد ومن سار على الدرب وصل ومن سهر الليالي بلغ المعالي …
طوبى لعبد ألهث لسانه بذكر الله ، استغفر الله وأتوب إليه ، حسبي الله ونعم الوكيل ، لا قوة إلا بالله فإنه والله كفيل بأن يجعل لك من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا .
ومن يتقي الله يجعل له مخرجا … ومن يتوكل على الله فهو حسبه ، إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا …
وسبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى