البهائية.. والخروج من رحم البابية
صفحة 1 من اصل 1
البهائية.. والخروج من رحم البابية
البهائية.. والخروج من رحم البابية
(في ذكرى مولد مؤسسها: 2 من المحرم 1233هـ)
أحمد تمام
في قرية "نورمحمد " نواحي "مازندران" بإيران ولد "حسين علي بن عباس بزرك"، الملقب بالبهاء مؤسس البهائية. كان أبوه موظفا كبيرا في وزارة المالية، ومن أسرة يشغل أبناؤها المناصب المهمة في المصالح والوزارات الحكومية.
لم يتلق "حسين علي" تعليما نظاميا في مدرسة أو معهد، وإنما عهد به أبوه إلى من يعلمه في المنزل، ولما نال قسطا من التعليم اعتمد على نفسه في المطالعة والقراءة، فقرأ كتب الصوفية والشيعة، وشغف بقراءة كتب فرقة الإسماعيلية، وكتب الفلاسفة القدماء، وتأثر بأفكار بعض الأديان الوضعية كالبرهمية، والبوذية والزرادشتية، واشتهر بالقدرة على المناظرة والجدل.
البهاء من رحم الباب خرج وأفسد
الالتقاء بـ"الباب"
وفي سنة (1260هـ = 1844م) انضم حسين علي إلى دعوة الميرزا "علي محمد الشيرازي" المعروف بـ"الباب" الذي ادَّعى النبوة والرسالة، والتفّ حوله الأتباع والدعاة من غلاة الباطنية، وكان "حسين علي" من بين هؤلاء الدعاة.
وقد بدأت الدعوة البابية الفاسدة في الانتشار، مستغلة سوء نظام الحكم في فارس، والجهل بأحكام الدين وحقائق الإسلام، كما أنها نشرت دعوتها سرا ولم تواجه الناس بحقيقتها.
ولما شاع أمر "البابية" قبضت الحكومة الإيرانية على الميرزا علي محمد الشيرازي، وأودعته قلعة "ماه كو" في "أذربيجان" وذلك في (ربيع الآخر 1263هـ = مارس 1847م) غير أن هذا لم يمنع أتباعه من زيارته في سجنه والاجتماع به، وبدءوا يجهرون بالدعوة بعدما كانوا يكتمونها عن عامة الناس، واستعدوا لعقد مؤتمر يجتمع فيه أقطاب البابية لبحث إمكانية تخليص الباب من سجنه، وإعلان نسخ الشريعة الإسلامية بظهور "الباب" وإبطال العمل بها.
وفي هذا المؤتمر الذي عقد في صحراء "بدشت" بإيران في (رجب 1264هـ= يونيه 1848م) برز اسم "حسين علي"، حيث استطاع أن يؤثر في الحاضرين بهذه الفكرة الخبيثة، وأن يُلقَّب نفسه باسم "بهاء الله".
اشترك "البهاء حسين" في عملية اغتيال الملك "ناصر الدين" شاه إيران، ولما فشلت المؤامرة فر إلى السفارة الروسية التي حمته ولم تسلمه إلى السلطات الإيرانية إلا بعدما اطمأنت أنه لن يُعدم، وبعد أن اعتقل فترة نفته حكومة الشاة إلى بغداد في (جمادى الآخرة 1269هـ = إبريل 1853م) مع أخيه "الميرزا يحيى"، المعروف بـ"صبح الأزل" الذي تجمعت حوله البابية بعد مقتل الميرزا علي محمد الشيرازي بوصية منه.
وفي بغداد أصبح "البهاء حسين" وكيلا عن أخيه يحيى صبح الأزل ونائبا عنه في تصريف أمور البابية، لكنه بدأ في تنفيذ خطة للاستقلال بالزعامة، والاستئثار بالأمر دون أخيه، فحجبه عن الناس بحجة أن ذاته مقدسة لا تغيب عن الأحباب، وإن كانوا لا يرونها، وبهذه الحيلة وثق صلته بالأتباع الذين ضعف ارتباطهم بيحيى شيئا فشيئا، وفي الوقت نفسه قرَّب إليه نفرا من الأتباع المخلصين، وتخلص من الشخصيات الكبيرة التي يخشى منافستها.
إبعاد ولكن..
وفي أثناء ذلك طلبت الحكومة الإيرانية من دولة الخلافة العثمانية نقل البابيين إلى مكان بعيد عن الحدود الإيرانية لخطورتهم على أهالي إيران، فنُقلوا جميعا إلي إستانبول في (ذي القعدة 1279هـ = إبريل 1863م)، وأقام البهاء حسين في حديقة نجيب باشا خارج المدينة اثنى عشر يوما قبل الرحيل إلى "أدرنة"، وخلال هذه المدة أعلن البهاء دعوته في نطاق ضيق من أتباعه، وفي سرية تامة، حتى لا يعلم أخوه يحيى بذلك، وزعم أنه هو الوريث الحقيقي للباب علي محمد الشيرازي.
ثم نقلوا جميعًا إلى أدرنة بعد أربعة أشهر، ومكثوا هناك نحو أربع سنوات ونصف، قام البهاء خلالها بنشر دعوته بين عامة الناس، فالتف حوله مجموعة من الأتباع سموا بالبهائية، على حين بقيت مجموعة أخرى تتبع أخاه فسميت بالأزلية أو البابية، وأدى هذا بطبيعة الحال إلى وقوع الخلاف بين الأخوين، وأن يكيد كل منهما للآخر، ويحاول التخلص منه، ووصل الحال بينهما إلى أن يقوم البهاء بدس السم لأخيه.
ولما أدركت الدولة العثمانية خطورتهما على الناس قررت نفيهما، فنفت "يحيى صبح الأزل" إلى قبرص، وظل بها حتى توفي، في حين نفت "البهاء حسين" إلى عكا ومعه بعض أتباعه فنزل بها سنة (1285هـ = 1868م)، وهناك لقي حفاوة من اليهود فأغدقوا عليه الأموال، وأحاطوه بالرعاية والأمن، وسهلوه له الحركة، على الرغم من صدور الفرمانات من الباب العالي بمنع تجوله وخروجه إلى الناس أو اتصالهم به، وأصبحت عكا منذ هذا التاريخ مقرا دائمًا للبهائية، ومكانا مقدسا لهم.
شرائع وأفكار باطلة
ضريح البهاء
وفي عكا بذل البهاء جهدا كبيرا في نشر دعوته وكسب الأنصار والأتباع، مطمئنا إلى حمايته، فأعلن حقيقة شخصه، وأبطل ما كان يدعيه "الباب" حتى انسلخ هو وأتباعه من شريعة الباب، ولم يبق من كلامه إلا ما كان فيه إشارة أو إيماءة تبشر بمقدم البهاء، ولم يكتف بادعاء النبوة، بل تجاوزها إلى ادعاء الألوهية، وأنه القيوم الذي سيبقى ويخلد، وأنه روح الله، وهو الذي بعث الأنبياء والرسل، وأوحى بالأديان، وزعم أن الباب لم يكن إلا نبيا مهمته التبشير بظهوره.
وجعل البهاء الصلاة ثلاث مرات: صبحا وظهرا ومساء، في كل مرة ثلاث ركعات، وأبطل الصلاة في جماعة إلا في الصلاة على الميت، وقصر الوضوء على غسل الوجه واليدين وتلاوة دعاءين قصيرين. وحدد شهر الصوم بتسعة عشر يوما من كل عام الذي هو عنده تسعة عشر شهرا. ويكون الصوم في شهر "العلاء" (21:2 مارس) وهذا الشهر هو آخر الشهور البهائية. وجعل الحج إلى مقامه في "عكا" وهو واجب على الرجال دون النساء، وليس له زمن معين أو كيفية محددة لأدائه، كما غيّر في أحكام الزواج والمواريث وبدل في أحكام العقوبات، وفرض نوعا من الضرائب على أتباعه لتنظيم شئونهم تقدر بنسبة (19%) من رأس المال وتدفع مرة واحدة فقط.
وكان من تعاليم "البهاء" إسقاط تشريع الجهاد وتحريم الحرب تحريما تاما، ومصادرة الحريات إلا حرية الاستماع إلى تعاليم البهاء، وإلغاء فكرة الأوطان تحت دعوى فكرة الوطن العام، والدعوة إلى وحدة اللغة التي لم تكن إلا وسيلة خادعة لفصل الأمم عن تراثها، وبخاصة الأمة الإسلامية حتى تنقطع عن كتابها وتاريخها.
وترك البهاء عدة كتب منها "الإيقان" و"مجموعة اللوائح المباركة" و"الأقدس" وهو أخطر كتب البهاء حيث ادعى أنه ناسخ لجميع الكتب السماوية بما فيها القرآن.
وأصيب البهاء في آخر حياته بالجنون، فاضطر ابنه عباس إلى حبسه حتى لا يراه الناس، وتحدث باسمه إلى أن هلك في (2 من ذي القعدة 1309هـ = 1892م) وخلفه ابنه "عباس عبد البهاء" في رئاسة البهائية.
مواضيع مماثلة
» البابية و البهائية و موقف الأسلام منها
» بحث قيم حول البابية
» البابية والبهائية
» حركة البابية والبهائية
» ملخصات عن البابية والبهائية
» بحث قيم حول البابية
» البابية والبهائية
» حركة البابية والبهائية
» ملخصات عن البابية والبهائية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى