فتاوى مجمع الفقه الإسلامي في القاديانية
صفحة 1 من اصل 1
فتاوى مجمع الفقه الإسلامي في القاديانية
استفسارات حول الطائفة القاديانية
فضيلة القاضي محمد تقي عثماني
قرارات المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة
بسم اللـه الرحمن الرحيم
إلى فضيلة العلامة المحقق الشيخ الحبيب ابن الخوجه، حفظه الله تعالى ورعاه الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
فإن الطائفة القاديانية، كما تعرفون، من الفرق الزائغة المنحرفة التي لا تألوا المسلمين خبالًا، وقد صدرت من معظم البلاد الإسلامية فتاوى العلماء في تكفيرهم، وفي الأخير أدخلت حكومة باكستان تعديلًا في دستورها، قررت فيه أن هذه الطائفة من الأقليات غير المسلمة، وذلك في سنة 1974م، ثم اتبعته في العام الماضي بقانون يمنعهم من استعمال المصطلحات الإسلامية "كالمساجد" و"الأذان" و"الخلفاء الراشدين" و"الصحابة" و"أمهات المؤمنين" وما إلى ذلك، كما قررت رابطة العالم الإسلامي في قرارها الصادر سنة 1973م أنها فرقة كافرة منحرفة.
وبعد هذا كله، فإن هذه الطائفة قد رفعت إلى المحكمة العالية بكيب تاون من جنوب أفريقيا ، قضية ضد المسلمين، أن المسلمين يحكمون عليهم بالكفر، ويمنعونهم من الصلاة في مساجدهم وعن دفن موتاهم في مقابرهم، وطلبوا من المحكمة أن يصدر حكمًا ينهى المسلمين عن كل ذلك ويقرر أنهم مسلمون.
وكانت المحكمة قد أصدرت في مبدأ الأمر حكمًا على المسلمين بأن لا يمنعوا القاديانيين من دخول مساجدهم إلى أن تبلغ القضية نهايتها فرفع المسلمون طلبًا إلى المحكمة بإلغاء هذا الحكم وأن لا يمنع المسلمون من وضعهما السابق إلى أن تبت المحكمة بالحكم في القضية، فسافرنا من باكستان –ونحن عشرة رجال- إلى جنوب أفريقيا - لنساعد إخواننا المسلمين هناك، والحمد لله الذي رزقنا النجاح في هذه المرحلة الابتدائية، وقد ألغت المحكمة حكمها السابق بعد سماع دلائل الفريقين، وكانت القاضية إذ ذاك امرأة نصرانية سمعت دلائلنا بكل عناية وإصغاء.
ثم رفع المسلمون طلبًا آخر، أن الحكم بكفر القاديانيين وإسلامهم، إنما هو أمر ديني بحت، لا ينبغي لمحكمة علمانية أن تتدخل فيها، بعد ما أجمع سائرالمسلمين في بقاع الأرض أن أتباع مرزا علام أحمد كلهم خارجون عن ملة الإسلام، ولم يبق هذا الأمر بعد ذلك موضوع نقاش أو جدال.
وإن هذا الطلب رفع إلى قاض يهودي، وأنكم تعرفون أن القاديانيين لهم مركز في إسرائيل ، ولهم مع اليهود صلات قوية، وزادت الضغث على الإبالة أن هذا القاضي اليهودي يعد من فرقهم المبتدعة التي أخرجها الأرتودكسيون عن دائرتهم، فبطبيعته كان ميالًا إلى مواساة القاديانيين، فحكم في جواب هذا الطلب خلاف المسلمين، وقال في حكمه: إن المحكمة العلمانية هي المصدر الوحيد الذي يستطيع أن يحكم في هذه المسألة الدينية حكمًا لا يتـأثر بعواطف العصبية المذهبية، فيجب عليها أن تتدخل في هذا الأمر وتبت فيه برأي غير منحاز.
فاضطر المسلمون بعد هذا الحكم أن يعرضوا أمام المحكمة دلائل تكفير القاديانيين من الكتاب، والسنة، وإجماع الأمة .
وقد طلب القاديانيون من المسلمين إثبات أن علماء المسلمين في جميع البلاد الإسلامية يعتبرون القاديانية كفرًا، وذكروا للمحكمة أنه ليس هناك في العالم الإسلامي مجلس يمثل علماء جميع الدول الإسلامية ، حتى يقال: إن المسلمين أجمعوا على ذلك.
وفي هذا الصدد يحتاج المسلمون في هذه القضية إلى فتوى من مجلس دولي للعلماء يمثل جميع البلاد الإسلامية، ولاشك أن مجمع الفقه الإسلامي هو أعظم ما وجد حتى الآن من المجالس في هذا الشأن، فيريد المسلمون في جنوب أفريقيا إن يصدر المجمع فتوى يصرح بتكفير أتباع مرزا غلام أحمد القادياني ليكون سندًا لهم عند دعواهم الإجماع على ذلك.
وإن هذه القضية ستشرع المحكمة في سماعها للخامس من شهر نوفمبر هذا العام، ونرجو انعقاد مجلس المجمع قبله، فمن المناسب جدًا أن يصدر المجمع فتوى من قبل مجلسه العام في جلسته القادمة.
وإني، نظرًا إلى أهمية الموضوع، قد سودت هذه الفتوى، لتكون ورقة عمل لشعبة الإفتاء أولًا، وللمجلس ثانيًا.
فالمرجو أن ترسلوا هذه الفتوى إلى جميع الأخوة الأعضاء، كورقة عمل للجلسة القادمة، وأرجو أن الإخوة الأعضاء نظرًا إلى أهمية الموضوع، يسامحون عن عدم دخول هذا الموضوع في اللائحة التي أعدتها شعبة التخطيط.
وأرجو أيضًا أن تخبروني عن وصول هذه الرسالة، وإدخال الموضوع في لائحة الجلسة القادمة.والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
توقيع
(محمد تقي العثماني)
بسم اللـه الرحمن الرحيم
استفتاء
الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى.
إن طائفة القاديانية التي تسمي نفسها "الأحمدية" تتبع في أمور دينها رجلًا اسمه مرزا غلام أحمد القادياني، وأن مرزا غلام أحمد القادياني رجل ولد في قاديان، قرية من قرى الهند ، وادعى أنه نبي مرسل من الله سبحانه، وأنه بروز لسيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك فإن نبوته لا تنافي كون رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، ثم إن هذا الرجل لم يكتف بادعاء النبوة، بل ادعى أنه أفضل من سائر الأنبياء السابقين، وأنه هو المسيح الموعود الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بنزوله في آخر الزمان، وأن كتاباته مليئة بمثل هذه الدعاوى، وبإهانة عدة من الأنبياء عليهم السلام، وصحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن عدة مقتبسات مترجمة من مكتبه مجموعة على سبيل المثال في ضميمة "ألف" من هذا الاستفتاء.
وأن أتباع مرزا غلام أحمد القادياني ينقسمون إلى فرقتين:
1- الفرقة القاديانية: وهي التي تؤمن بنبوة مرزا غلام أحمد القادياني، بكل معنى الكلمة، وتكفر كل من لم يؤمن بنبوته، وتسمى زوجته "أم المؤمنين" و أتباعه الذين بايعوا على يده "صحابة" وخلفاؤه "الخلفاء الراشدين".
2- الفرقة اللاهورية: وهي التي تؤمن بأن مرزا غلام أحمد القادياني هو المسيح الموعود، وأنه المجدد للقرن الرابع عشر، وأن جميع ما كتبه في مؤلفاته حق يجب اتباعه، وأنه كان ينزل عليه وحي يجب تصديقه واتباعه، وأن كل من يكذب مرزا غلام أحمد القادياني أو يكفره فهو كافر.
غير أنهم يقولون: إن مرزا غلام أحمد لم يكن نبيًا بمعناه الحقيقي، وإنما كانت نبوته ظلية أو مجازية، وكان وحيه وحي ولاية، دون وحي نبوة، وأن مجرد عدم الإيمان بمرزا غلام أحمد القادياني لا يكفر الإنسان، ولكن يكفره الاعتقاد بكذبه، أو كفره.
وإن كلتا الفرقتين من أتباع مرزا غلام أحمد القادياني متفقتان في أمور:
1- أن مرزا علام أحمد القادياني هو المسيح الموعود الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بنزوله في آخر الزمان.
2- أنه كان ينزل عليه وحي يجب على جميع الناس تصديقه واتباعه.
3- أنه كان ظلًا وبروزًا للنبي صلى الله عليه وسلم نفسه في آخر الزمان.
4- أنه كان محقًا في جميع دعاويه، وفي كل ما تكلم به، أو كتبه في مؤلفاته.
5- كل من كذبه في دعاويه، أو كفره فهو كافر.
ولذلك اتفق علماء الهند وباكستان على كفر مرزا غلام أحمد القادياني وكلتا الفرقتين من أتباعه، منذ نحو خمسين عامًا، ووافقهم على ذلك علماء البلاد الإسلامية الأخرى، حتى صدر قرار من رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة سنة 1973م بتكفيرهم بإجماع 144 منظمة من المنظمات الإسلامية في سائر بقاع الأرض، ثم صدر في باكستان تقنين دستوري أعلن بكفر كلتا الفرقتين من القاديانيين، وبذلك حكمت المحكمة العالية في باكستان، وحدث مثل ذلك في ماليزيا ، وقد رفع هؤلاء القاديانيون الآن قضية ضد المسلمين في المحكمة العالية من كيب تاون، جنوب أفريقيا ، وطلبوا منها أن تعلن بإسلامهم وبتخطئة من يكفرهم.
فنرجو من أصحاب الفضيلة أعضاء مجمع الفقه الإسلامي الإجابة عن الأسئلة التالية:
1- هل يعد مرزا غلام أحمد القادياني بعد ادعاء نبوته من المسلمين أو يحكم بكفره وارتداده.
2- هل الفرقة القاديانية من أتباعه مسلمة، أو كافرة؟
3- هل الفرقة اللاهورية من أتباعه مسلمة، أو كافرة؟
4- هل يجوز لمحكمة علمانية أن تحكم بإسلام رجل أو بكفره؟ ولئن حكمت فهل ينفذ حكمها على المسلمين؟
وندعو الله سبحانه أن يسدد خطاكم في سبيل نشر الدعوة الإسلامية.
ويوفقكم لما فيه خير الإسلام والمسلمين
[توقيع]
نظيم محمد
رئيس مسلمي جودثل كونسل
ضميمة "الف"
دعوى النبوة
1- يقول في "دافع البلاء" هو الإله الحق الذي أرسل رسوله في قاديان ص 11 الطبعة الثالثة، قاديان 1946م
2- يقول في "نزول المسيح" أنا رسول ونبي، أي أنني باعتبار الظلية الكاملة مرآة فيها انعكاس كامل للصورة المحمدية والنبوة المحمية في الهامش (ص 3) الطبعة الأولى، قاديان 1909م
3- وقال في تتمة "حقيقة الوحي": "والذي نفسي بيده إنه أرسلني وسماني نبيًا" (ص68) طبعة قاديان سنة 1934م
4- وقال في "أيك غلطى كا ازاله" "إن زهاء مائة وخمسين بشارة من الله وجدتها صادقة إلى وقتنا هذا، فلماذا أنكر اسمي نبيًا ورسولًا، وبما أن الله هو الذي سماني بهذه الأسماء، فلماذا أردها، أو لماذا أخاف غيره؟" (ص طبعة قاديان سنة 1901م
5- وقال في هامش "حقيقة الوحي": "إن اله تعالى جعلني مظهرًا لجميع الأنبياء ونسب إلي أسماءهم، أنا آدم، أنا شيث، أنا نوح، أنا إبراهيم، أنا إسحاق، أنا إسماعيل، أنا يعقوب، أنا يوسف، أنا عيسى، أنا موسى، أنا داود، وأنا مظهر كامل لمحمد صلى الله عليه وسلم، أي أنا محمد وأحمد ظليًا (ص 72) طبعة قاديان سنة 1934م
6- وقال في صحيفة "بدر": "دعواي أنني رسول ونبي " 5 مارس 1908م، و "حقيقة النبوة" (1 – 272) ذيل رقم 3
7- وقال في "نزول المسيح": "إن الأنبياء وإن كثروا إلا أنني لست أقل منهم في المعرفة" (ص 97) الطبعة الأولى، قاديان سنة 1909م
8- وكذلك كان اعتقادي أولًا: "أين أنا من المسيح ابن مريم؟ فإنه نبي ومن المقربين، فلو ظهر أمر دل على فضلي اعتبرته فضيلة جزئية، ثم تتابع علي الوحي كالمطر، فجعلني لا أستقر على هذه العقيدة، وخاطبني بالنبي صراحة بحيث إنني نبي من ناحية ومن الإسلام من ناحية أخرى.. وأومن بوحيه الطاهر كما أومن بجميع وحي الله الذي جاء قبلي، وأنا مطيع لوحي الله تعالى، ومادام لم يأتني منه علم كنت أقول كما قلت في الأول، ولما جاءني منه علم قلت خلاف ذلك "حقيقة الوحي" (ص 149 و 150) طبعة قاديان سنة 1934م
9- لاشك أن عقيدة المرزا المتنبي الذي مات عليها: أنه نبي، وقد جاء ذلك في خطابه الأخير الذين نشر في يوم وفاته في جريدة "أخبار عام"وصرح فيه ما يلي: "أنا نبي حسب حكم الله ولو جحدته أكون آثمًا، وإذ سماني الله نبيًا فكيف يمكن لي جحوده، وأنا على هذه العقيدة حتى أرحل عن هذه الدنيا" "أخبار عام" 26 مايو 1908م، و"حقيقة النبوة" (ص 271) لمرزا محمود و "مباحثة راولبندي" (ص 136) كتب هذا الخطاب في 23 مايو 1908م ونشر في 26 مايو في "أخبار عام"وفي ذلك اليوم مات المرزا المتنبي.
10- أنا هو النبي خاتم الأنبياء بروزيًا بموجب آية:{ وَآَخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ } وسماني الله محمدًا وأحمد، في "براهين أحمدية" قبل عشرين عامًا، واعتبرني وجود محمد صلى الله عليه وسلم نفسه، ولذا لم يتزلزل ختم نبوة محمد صلى الله عليه وسلم بنبوتي، لأن الظل لا ينفصل عن أصله، ولانني محمد ظليًا، ولذا لم ينفذ ختم النبوة، لأن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم لم تزل محدودة على محمد، أي بقي محمد صلى الله عليه وسلم نبيًا لا غير، أعني لما كنت محمدًا صلى الله عليه وسلم بروزيًا، وانعكسات الكمالات المحمدية مع النبوة المحمدية في اللون البروزي في مرآتي الظلية، فأي إنسان منفرد ادعى النبوة على حياله (ص 10 و 11) طبع ربوة
11- يقول ابن المتنبي الأوسط – مرزا بشير أحمد القادياني-: هذا الذي يظن بعض الناس أن النبوة الظلية والبروزية من أدنى أنواع النبوة، إنما هو خداع النفس ولا حقيقة له، لأنه لابد للنبوة الظلية أن يستغرق صاحبها في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم حتى ينال درجة: "صرت أنا أنت وأنت أنا" وفي هذه الحالة يرى هو أن الكمالات المحمدية تنزل على نفسه في صورتها العكسية، ثم يزداد هذا القرب حتى يلبس رداء النبوة المحمدية، وعندئذ يقال له: النبي الظلي، وإذا كان الظل يقتضي أن يكون صورة كاملة لأصله وعليه إجماع جميع الأنبياء، فعلى الأحمق الذي يرى نبوة المسيح الموعود الظلية من أدنى أنواع النبوة أن ينتبه ويفكر في أمر إسلامه، لأنه هجم على شأن النبوة هي تاج سائر النبوات، ولا أفهم لماذا يتعثر الناس في نبوة المسيح الموعود؟ ولماذا يراه الناس نبوة ناقصة؟ فإني أرى أنه كان نبيًا ظليًا لبروزه للنبي صلى الله عليه وسلم ومكانة هذه النبوة الظلية العالية.
ومن الواضح أن الأنبياء في العصور الماضية لم يكونوا يجمعون –بالضرورة- كل الكمالات التي جمعت في محمد صلى الله عليه وسلم، بل كل نبي كان يعطى من الكمالات حسب عمله واستعداه قلة أوكثرة، إلا أن المسيح الموعود أعطي النبوة عندما اكتسب جميع الكمالات المحمدية، واستحق أن يقال: "النبي الظلي" فالنبوة الظلية لم تؤخر قدم المسيح الموعود بل قدمتها إلى الأمام، إلى أن أقامته جنبًا إلى جنب مع النبي صلى الله عليه وسلم "كلمة الفصل" و "ريويو آف ريليجنز" مارس وأبريل 1915م
فضيلة القاضي محمد تقي عثماني
قرارات المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة
بسم اللـه الرحمن الرحيم
إلى فضيلة العلامة المحقق الشيخ الحبيب ابن الخوجه، حفظه الله تعالى ورعاه الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
فإن الطائفة القاديانية، كما تعرفون، من الفرق الزائغة المنحرفة التي لا تألوا المسلمين خبالًا، وقد صدرت من معظم البلاد الإسلامية فتاوى العلماء في تكفيرهم، وفي الأخير أدخلت حكومة باكستان تعديلًا في دستورها، قررت فيه أن هذه الطائفة من الأقليات غير المسلمة، وذلك في سنة 1974م، ثم اتبعته في العام الماضي بقانون يمنعهم من استعمال المصطلحات الإسلامية "كالمساجد" و"الأذان" و"الخلفاء الراشدين" و"الصحابة" و"أمهات المؤمنين" وما إلى ذلك، كما قررت رابطة العالم الإسلامي في قرارها الصادر سنة 1973م أنها فرقة كافرة منحرفة.
وبعد هذا كله، فإن هذه الطائفة قد رفعت إلى المحكمة العالية بكيب تاون من جنوب أفريقيا ، قضية ضد المسلمين، أن المسلمين يحكمون عليهم بالكفر، ويمنعونهم من الصلاة في مساجدهم وعن دفن موتاهم في مقابرهم، وطلبوا من المحكمة أن يصدر حكمًا ينهى المسلمين عن كل ذلك ويقرر أنهم مسلمون.
وكانت المحكمة قد أصدرت في مبدأ الأمر حكمًا على المسلمين بأن لا يمنعوا القاديانيين من دخول مساجدهم إلى أن تبلغ القضية نهايتها فرفع المسلمون طلبًا إلى المحكمة بإلغاء هذا الحكم وأن لا يمنع المسلمون من وضعهما السابق إلى أن تبت المحكمة بالحكم في القضية، فسافرنا من باكستان –ونحن عشرة رجال- إلى جنوب أفريقيا - لنساعد إخواننا المسلمين هناك، والحمد لله الذي رزقنا النجاح في هذه المرحلة الابتدائية، وقد ألغت المحكمة حكمها السابق بعد سماع دلائل الفريقين، وكانت القاضية إذ ذاك امرأة نصرانية سمعت دلائلنا بكل عناية وإصغاء.
ثم رفع المسلمون طلبًا آخر، أن الحكم بكفر القاديانيين وإسلامهم، إنما هو أمر ديني بحت، لا ينبغي لمحكمة علمانية أن تتدخل فيها، بعد ما أجمع سائرالمسلمين في بقاع الأرض أن أتباع مرزا علام أحمد كلهم خارجون عن ملة الإسلام، ولم يبق هذا الأمر بعد ذلك موضوع نقاش أو جدال.
وإن هذا الطلب رفع إلى قاض يهودي، وأنكم تعرفون أن القاديانيين لهم مركز في إسرائيل ، ولهم مع اليهود صلات قوية، وزادت الضغث على الإبالة أن هذا القاضي اليهودي يعد من فرقهم المبتدعة التي أخرجها الأرتودكسيون عن دائرتهم، فبطبيعته كان ميالًا إلى مواساة القاديانيين، فحكم في جواب هذا الطلب خلاف المسلمين، وقال في حكمه: إن المحكمة العلمانية هي المصدر الوحيد الذي يستطيع أن يحكم في هذه المسألة الدينية حكمًا لا يتـأثر بعواطف العصبية المذهبية، فيجب عليها أن تتدخل في هذا الأمر وتبت فيه برأي غير منحاز.
فاضطر المسلمون بعد هذا الحكم أن يعرضوا أمام المحكمة دلائل تكفير القاديانيين من الكتاب، والسنة، وإجماع الأمة .
وقد طلب القاديانيون من المسلمين إثبات أن علماء المسلمين في جميع البلاد الإسلامية يعتبرون القاديانية كفرًا، وذكروا للمحكمة أنه ليس هناك في العالم الإسلامي مجلس يمثل علماء جميع الدول الإسلامية ، حتى يقال: إن المسلمين أجمعوا على ذلك.
وفي هذا الصدد يحتاج المسلمون في هذه القضية إلى فتوى من مجلس دولي للعلماء يمثل جميع البلاد الإسلامية، ولاشك أن مجمع الفقه الإسلامي هو أعظم ما وجد حتى الآن من المجالس في هذا الشأن، فيريد المسلمون في جنوب أفريقيا إن يصدر المجمع فتوى يصرح بتكفير أتباع مرزا غلام أحمد القادياني ليكون سندًا لهم عند دعواهم الإجماع على ذلك.
وإن هذه القضية ستشرع المحكمة في سماعها للخامس من شهر نوفمبر هذا العام، ونرجو انعقاد مجلس المجمع قبله، فمن المناسب جدًا أن يصدر المجمع فتوى من قبل مجلسه العام في جلسته القادمة.
وإني، نظرًا إلى أهمية الموضوع، قد سودت هذه الفتوى، لتكون ورقة عمل لشعبة الإفتاء أولًا، وللمجلس ثانيًا.
فالمرجو أن ترسلوا هذه الفتوى إلى جميع الأخوة الأعضاء، كورقة عمل للجلسة القادمة، وأرجو أن الإخوة الأعضاء نظرًا إلى أهمية الموضوع، يسامحون عن عدم دخول هذا الموضوع في اللائحة التي أعدتها شعبة التخطيط.
وأرجو أيضًا أن تخبروني عن وصول هذه الرسالة، وإدخال الموضوع في لائحة الجلسة القادمة.والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
توقيع
(محمد تقي العثماني)
بسم اللـه الرحمن الرحيم
استفتاء
الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى.
إن طائفة القاديانية التي تسمي نفسها "الأحمدية" تتبع في أمور دينها رجلًا اسمه مرزا غلام أحمد القادياني، وأن مرزا غلام أحمد القادياني رجل ولد في قاديان، قرية من قرى الهند ، وادعى أنه نبي مرسل من الله سبحانه، وأنه بروز لسيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك فإن نبوته لا تنافي كون رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، ثم إن هذا الرجل لم يكتف بادعاء النبوة، بل ادعى أنه أفضل من سائر الأنبياء السابقين، وأنه هو المسيح الموعود الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بنزوله في آخر الزمان، وأن كتاباته مليئة بمثل هذه الدعاوى، وبإهانة عدة من الأنبياء عليهم السلام، وصحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن عدة مقتبسات مترجمة من مكتبه مجموعة على سبيل المثال في ضميمة "ألف" من هذا الاستفتاء.
وأن أتباع مرزا غلام أحمد القادياني ينقسمون إلى فرقتين:
1- الفرقة القاديانية: وهي التي تؤمن بنبوة مرزا غلام أحمد القادياني، بكل معنى الكلمة، وتكفر كل من لم يؤمن بنبوته، وتسمى زوجته "أم المؤمنين" و أتباعه الذين بايعوا على يده "صحابة" وخلفاؤه "الخلفاء الراشدين".
2- الفرقة اللاهورية: وهي التي تؤمن بأن مرزا غلام أحمد القادياني هو المسيح الموعود، وأنه المجدد للقرن الرابع عشر، وأن جميع ما كتبه في مؤلفاته حق يجب اتباعه، وأنه كان ينزل عليه وحي يجب تصديقه واتباعه، وأن كل من يكذب مرزا غلام أحمد القادياني أو يكفره فهو كافر.
غير أنهم يقولون: إن مرزا غلام أحمد لم يكن نبيًا بمعناه الحقيقي، وإنما كانت نبوته ظلية أو مجازية، وكان وحيه وحي ولاية، دون وحي نبوة، وأن مجرد عدم الإيمان بمرزا غلام أحمد القادياني لا يكفر الإنسان، ولكن يكفره الاعتقاد بكذبه، أو كفره.
وإن كلتا الفرقتين من أتباع مرزا غلام أحمد القادياني متفقتان في أمور:
1- أن مرزا علام أحمد القادياني هو المسيح الموعود الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بنزوله في آخر الزمان.
2- أنه كان ينزل عليه وحي يجب على جميع الناس تصديقه واتباعه.
3- أنه كان ظلًا وبروزًا للنبي صلى الله عليه وسلم نفسه في آخر الزمان.
4- أنه كان محقًا في جميع دعاويه، وفي كل ما تكلم به، أو كتبه في مؤلفاته.
5- كل من كذبه في دعاويه، أو كفره فهو كافر.
ولذلك اتفق علماء الهند وباكستان على كفر مرزا غلام أحمد القادياني وكلتا الفرقتين من أتباعه، منذ نحو خمسين عامًا، ووافقهم على ذلك علماء البلاد الإسلامية الأخرى، حتى صدر قرار من رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة سنة 1973م بتكفيرهم بإجماع 144 منظمة من المنظمات الإسلامية في سائر بقاع الأرض، ثم صدر في باكستان تقنين دستوري أعلن بكفر كلتا الفرقتين من القاديانيين، وبذلك حكمت المحكمة العالية في باكستان، وحدث مثل ذلك في ماليزيا ، وقد رفع هؤلاء القاديانيون الآن قضية ضد المسلمين في المحكمة العالية من كيب تاون، جنوب أفريقيا ، وطلبوا منها أن تعلن بإسلامهم وبتخطئة من يكفرهم.
فنرجو من أصحاب الفضيلة أعضاء مجمع الفقه الإسلامي الإجابة عن الأسئلة التالية:
1- هل يعد مرزا غلام أحمد القادياني بعد ادعاء نبوته من المسلمين أو يحكم بكفره وارتداده.
2- هل الفرقة القاديانية من أتباعه مسلمة، أو كافرة؟
3- هل الفرقة اللاهورية من أتباعه مسلمة، أو كافرة؟
4- هل يجوز لمحكمة علمانية أن تحكم بإسلام رجل أو بكفره؟ ولئن حكمت فهل ينفذ حكمها على المسلمين؟
وندعو الله سبحانه أن يسدد خطاكم في سبيل نشر الدعوة الإسلامية.
ويوفقكم لما فيه خير الإسلام والمسلمين
[توقيع]
نظيم محمد
رئيس مسلمي جودثل كونسل
ضميمة "الف"
دعوى النبوة
1- يقول في "دافع البلاء" هو الإله الحق الذي أرسل رسوله في قاديان ص 11 الطبعة الثالثة، قاديان 1946م
2- يقول في "نزول المسيح" أنا رسول ونبي، أي أنني باعتبار الظلية الكاملة مرآة فيها انعكاس كامل للصورة المحمدية والنبوة المحمية في الهامش (ص 3) الطبعة الأولى، قاديان 1909م
3- وقال في تتمة "حقيقة الوحي": "والذي نفسي بيده إنه أرسلني وسماني نبيًا" (ص68) طبعة قاديان سنة 1934م
4- وقال في "أيك غلطى كا ازاله" "إن زهاء مائة وخمسين بشارة من الله وجدتها صادقة إلى وقتنا هذا، فلماذا أنكر اسمي نبيًا ورسولًا، وبما أن الله هو الذي سماني بهذه الأسماء، فلماذا أردها، أو لماذا أخاف غيره؟" (ص طبعة قاديان سنة 1901م
5- وقال في هامش "حقيقة الوحي": "إن اله تعالى جعلني مظهرًا لجميع الأنبياء ونسب إلي أسماءهم، أنا آدم، أنا شيث، أنا نوح، أنا إبراهيم، أنا إسحاق، أنا إسماعيل، أنا يعقوب، أنا يوسف، أنا عيسى، أنا موسى، أنا داود، وأنا مظهر كامل لمحمد صلى الله عليه وسلم، أي أنا محمد وأحمد ظليًا (ص 72) طبعة قاديان سنة 1934م
6- وقال في صحيفة "بدر": "دعواي أنني رسول ونبي " 5 مارس 1908م، و "حقيقة النبوة" (1 – 272) ذيل رقم 3
7- وقال في "نزول المسيح": "إن الأنبياء وإن كثروا إلا أنني لست أقل منهم في المعرفة" (ص 97) الطبعة الأولى، قاديان سنة 1909م
8- وكذلك كان اعتقادي أولًا: "أين أنا من المسيح ابن مريم؟ فإنه نبي ومن المقربين، فلو ظهر أمر دل على فضلي اعتبرته فضيلة جزئية، ثم تتابع علي الوحي كالمطر، فجعلني لا أستقر على هذه العقيدة، وخاطبني بالنبي صراحة بحيث إنني نبي من ناحية ومن الإسلام من ناحية أخرى.. وأومن بوحيه الطاهر كما أومن بجميع وحي الله الذي جاء قبلي، وأنا مطيع لوحي الله تعالى، ومادام لم يأتني منه علم كنت أقول كما قلت في الأول، ولما جاءني منه علم قلت خلاف ذلك "حقيقة الوحي" (ص 149 و 150) طبعة قاديان سنة 1934م
9- لاشك أن عقيدة المرزا المتنبي الذي مات عليها: أنه نبي، وقد جاء ذلك في خطابه الأخير الذين نشر في يوم وفاته في جريدة "أخبار عام"وصرح فيه ما يلي: "أنا نبي حسب حكم الله ولو جحدته أكون آثمًا، وإذ سماني الله نبيًا فكيف يمكن لي جحوده، وأنا على هذه العقيدة حتى أرحل عن هذه الدنيا" "أخبار عام" 26 مايو 1908م، و"حقيقة النبوة" (ص 271) لمرزا محمود و "مباحثة راولبندي" (ص 136) كتب هذا الخطاب في 23 مايو 1908م ونشر في 26 مايو في "أخبار عام"وفي ذلك اليوم مات المرزا المتنبي.
10- أنا هو النبي خاتم الأنبياء بروزيًا بموجب آية:{ وَآَخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ } وسماني الله محمدًا وأحمد، في "براهين أحمدية" قبل عشرين عامًا، واعتبرني وجود محمد صلى الله عليه وسلم نفسه، ولذا لم يتزلزل ختم نبوة محمد صلى الله عليه وسلم بنبوتي، لأن الظل لا ينفصل عن أصله، ولانني محمد ظليًا، ولذا لم ينفذ ختم النبوة، لأن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم لم تزل محدودة على محمد، أي بقي محمد صلى الله عليه وسلم نبيًا لا غير، أعني لما كنت محمدًا صلى الله عليه وسلم بروزيًا، وانعكسات الكمالات المحمدية مع النبوة المحمدية في اللون البروزي في مرآتي الظلية، فأي إنسان منفرد ادعى النبوة على حياله (ص 10 و 11) طبع ربوة
11- يقول ابن المتنبي الأوسط – مرزا بشير أحمد القادياني-: هذا الذي يظن بعض الناس أن النبوة الظلية والبروزية من أدنى أنواع النبوة، إنما هو خداع النفس ولا حقيقة له، لأنه لابد للنبوة الظلية أن يستغرق صاحبها في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم حتى ينال درجة: "صرت أنا أنت وأنت أنا" وفي هذه الحالة يرى هو أن الكمالات المحمدية تنزل على نفسه في صورتها العكسية، ثم يزداد هذا القرب حتى يلبس رداء النبوة المحمدية، وعندئذ يقال له: النبي الظلي، وإذا كان الظل يقتضي أن يكون صورة كاملة لأصله وعليه إجماع جميع الأنبياء، فعلى الأحمق الذي يرى نبوة المسيح الموعود الظلية من أدنى أنواع النبوة أن ينتبه ويفكر في أمر إسلامه، لأنه هجم على شأن النبوة هي تاج سائر النبوات، ولا أفهم لماذا يتعثر الناس في نبوة المسيح الموعود؟ ولماذا يراه الناس نبوة ناقصة؟ فإني أرى أنه كان نبيًا ظليًا لبروزه للنبي صلى الله عليه وسلم ومكانة هذه النبوة الظلية العالية.
ومن الواضح أن الأنبياء في العصور الماضية لم يكونوا يجمعون –بالضرورة- كل الكمالات التي جمعت في محمد صلى الله عليه وسلم، بل كل نبي كان يعطى من الكمالات حسب عمله واستعداه قلة أوكثرة، إلا أن المسيح الموعود أعطي النبوة عندما اكتسب جميع الكمالات المحمدية، واستحق أن يقال: "النبي الظلي" فالنبوة الظلية لم تؤخر قدم المسيح الموعود بل قدمتها إلى الأمام، إلى أن أقامته جنبًا إلى جنب مع النبي صلى الله عليه وسلم "كلمة الفصل" و "ريويو آف ريليجنز" مارس وأبريل 1915م
رد: فتاوى مجمع الفقه الإسلامي في القاديانية
مسودة الجواب المقترح
محمد تقي العثماني
عضو القسم الشرعي للمحكمة العليا باكستان
بسم اللـه الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله خاتم النبيين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
1 و 3 – إن نصوص القرآن والسنة مطبقة على أن النبوة و الرسالة قد انقطعت بعد بعثة النبي الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأن كل من ادعى النبوة بعده صلى الله عليه وسلم فهو كاذب خارج عن ملة الإسلام، وأن هذه العقيدة من المبادئ الأساسية التي لا تقبل أي تأويل أو تخصيص، فإنها ثابتة بنصوص القرآن الكريم والواضحة البينة المراد، والأحاديث النبوية المتواترة القطعية، يقول لله سبحانه وتعالى:
{ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أحد مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ } [الأحزاب: 40].
وهناك أحاديث متواترة أكثر من مائة تثبت هذه العقيدة القطعية، نذكر منها على سبيلا المثال ما يلي:
أ- عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال( إنما مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتًا فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له، ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة، وأنا خاتم النبيين )). رواه البخاري في كتاب الأنبياء، ومسلم في الفضائل، ج 2 ص 248
ب –عن أبي حازم قال: قاعدت أبا هريرة خمس سنين فسمعته يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال( كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي، وسيكون خلفاء، قالوا: فما تأمرنا؟ قال: فوا ببيعة الأول فالأول )) رواه البخاري في كتاب الأنبياء ج 1 ص 491: ومسلم في كتاب الأمارة، وأحمد في مسنده ج 2 ص 297
جـ – عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال( لا تقوم الساعة حتى يقتل فئتان، فيكون بينهما مقتلة عظيمة دعواهما واحدة، ولا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريبًا من ثلاثين، كلهم يزعم انه رسول الله )) رواه البخاري ومسلم وأحمد.
وعلى أساس هذه النصوص القطعية قد اجتمعت الأمة الإسلامية على أن كل من ادعى النبوة والرسالة أو بأنه ينزل عليه وحي يجب اتباعه كحجة شرعية، فإنه كافر خارج عن الملة.
يقول القاضي عياض رحمه الله تعالى في الشفاء (ص 362 طبع الهند )، "لأنه أخبر أنه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين ولا نبي بعده وأخبر عن الله تعالى أنه خاتم النبيين، وأجمعت الأمة على حمل هذا الكلام على ظاهره أن مفهومه المراد به دون تأويل ولا تخصيص، ولا شك في كفر هؤلاء الطوائف كلها قطعًا إجماعيًا وسمعًا" يقول الشيخ علي القاري في شرح الفقه الأكبر ص 202:
"ودعوة النبوة بعد نبينا صلى الله عليه وسلم كفر بالإجماع".
ولم يفرق هذه النصوص القطعية ولا الإجماع المنعقد على هذه العقيدة بين دعوى النبوة التشريعية وغير التشريعية، فكل منهما كفرلا مجال له في الإسلام.
وبما أن مرزا غلام أحمد القادياني قد ادعى لنفسه النبوة والرسالة كما هو ظاهر من مقتبسات كتبه المذكورة في ضميمة "الف" من الاستفتاء، فإنه كافر خارج عن الإسلام، وأما ما تأول به من أن نبوته ظل لنبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فإن هذا التأويل لا يفيد في هذا الصدد شيئًا، وذلك لوجهين:
الأول: أننا قد ذكرنا أن عقيدة ختم النبوة لا تقبل أي تأويل أو تخصيص، ولذلك أبدًا عن تأويل يتأول به، ولا دليل يعتمد عليه، وإنما حكمت بكفره وخروجه عن الإسلام بمجرد ادعائه النبوة، ولذلك قاتل الصحابة رضي الله عنهم مسيلمة الكذاب والأسود العنسي وطليحة بن خويلد المتنبئين الذين كان عندهم تأويل ما يدعونه من النبوة والرسالة.
والوجه الثاني: النبوة الظلية أو البروزية التي تأول بها المتنبي القادياني ليست في زعمه نبوة دون نبوة الأنبياء الآخرين، وإنما هي نبوة تفوق درجة على نبوة جميع الأنبياء بني إسرائيل فإن هذه النبوة كما يزعمها المتنبي القادياني لا يعطاها أي أحد من الناس، حتى يجوز جميع فضائل سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ويجمع بين جميع أوصاف كماله، بحيث يصبح ظهورًا ثانيًا لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم نفسه، ولذلك ادعى هذا المتنبي الكذاب في كتابه "ايك غلطى كا ازاله" ( ص 10 و 11):
"وسماني الله محمدًا وأحمد في "براهين أحمدية" قبل عرين عامًا، واعتبرني وجود محمد صلى الله عليه وسلم نفسه، ولذا لم يتزلزل ختم نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، بنبوتي، لأن الظل لا ينفصل عن أصله، ولأنني محمد ظليًا، ولذا لم ينفض ختم النبوة، لأن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم لم تزل محدودة على محمد، أي بقي محمد صلى الله عليه وسلم نبيًا لا غير، أعني لما كنت محمدًا صلى الله عليه وسلم بروزيًا وانعكست الكمالات المحمدية مع النبوة المحمدية في اللون البروزي في مرآتي الظلية، فأي إنسان منفرد ادعى النبوة على حياله؟"
ويقول ابنه مرزا بشير أحمد القادياني في كتابه "كلمة الفصل" وريويو آف ريلجينز مارس أبريل، 1915م:
"ومن الواضح أن الأنبياء في العصور الماضية لم يكونوا يجمعون بالضرورة –كل الكمالات التي جمعت في محمد صلى الله عليه وسلم، بل كل نبي كان يعطى من الكمالات حسب عمله واستعداده قلة وكثرة إلا أن المسيح الموعود (يعني به مرزا غلام أحمد القادياني) أعطي النبوة عندما اكتسب جميع الكمالات المحمدية، واستحق أن يقال له "النبي الظلي" فالنبوة الظلية لم تؤخر قدم المسيح الموعود (يعني المتنبي القادياني) قبل قدمتها إلى الأمام، إلى أن أقامته جنبًا إلى جنب مع النبي صلى الله عليه وسلم.
يقول ابنه وخليفته الثاني مرزا بشير الدين محمود:
"فالنبوة الظلية والبروزية ليست نبوة بسيطة، لأنها لو كانت كذلك لما قال المسيح الموعود (يعني المتنبي القادياني) في أحد أنبياء بني إسرائيل، اتركوا ذكر ابن مريم فغلام أحمد خير منه.
([القول الفصل] ص 16، طبع ضياء الإسلام، قاديان 1915م).
وصرح بذلك القاضي ظهور الحق اكمل، وكان مدير المجلة القاديانية "ريويو آف ريليجنز" في أبياته التي نشرت في صحيفة "بدر" 25 أكتوبر 1916م:
"إن محمدًا قد نزل فينا ثانيًا، وهو أعلى شأنًا من الأول، من كان يريد رؤية محمد، فلينظر غلام أحمد في قاديان".
وقد أعلن هذا الرجل نفسه في مجلة "الفضل" القاديانية المعروفة (22 أغسطس 1916م) أنه عرض هذه الأبيات على مرزا غلام أحمد القادياني، فأثنى عليه بقوله جزاك الله، وأخذها إلى بيته، وذكرهذا الرجل أنه قد استلهم مفهوم هذه الأبيات من "الخطبة الإلهامية" للقادياني التي قال فهيا:
"الحق أن روحانية عليه السلام في آخر الألف السادس –أعني في هذه الأيام- أشد وأقوى من تلك الأعوام، ولذلك لا تحتاج إلى الحسام ولا إلى حزب المحاربين، ولذلك اختار الله سبحانه لبعث المسيح الموعود (بعني به القادياني نفسه) عدة من مئات كعدة ليلة البدر من هجرة سيدنا خير الكائنات لتدل تلك العدة على مرتبة كمال تام من مراتب الترقيات، وهى أربع مائة بعد الألف من خاتم النبيين.
(الخطبة الإلهامية ص 47 طبع الجمعية الأحمدية لاهور).
فتبين من هذه المقتبسات أن النبوة الظلية كما يزعمها القادياني وأتباعه، نوع من النبوة يفوق نبوة سائر أنبياء بني إسرائيل، بل هو أقوى وأكمل من نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم –والعياذ بالله العظيم- فادعاؤه مثل هذه النبوة كفر صريح لا شبهة في كونه منافيًا للنصوص القطعية الدالة على أنه لا نبي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فثبت أن مرزا غلام أحمد القادياني وأتباعه القاديانيين خارجون عن ملة الإسلام دون أي شك وتردد.
محمد تقي العثماني
عضو القسم الشرعي للمحكمة العليا باكستان
بسم اللـه الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله خاتم النبيين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
1 و 3 – إن نصوص القرآن والسنة مطبقة على أن النبوة و الرسالة قد انقطعت بعد بعثة النبي الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأن كل من ادعى النبوة بعده صلى الله عليه وسلم فهو كاذب خارج عن ملة الإسلام، وأن هذه العقيدة من المبادئ الأساسية التي لا تقبل أي تأويل أو تخصيص، فإنها ثابتة بنصوص القرآن الكريم والواضحة البينة المراد، والأحاديث النبوية المتواترة القطعية، يقول لله سبحانه وتعالى:
{ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أحد مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ } [الأحزاب: 40].
وهناك أحاديث متواترة أكثر من مائة تثبت هذه العقيدة القطعية، نذكر منها على سبيلا المثال ما يلي:
أ- عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال( إنما مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتًا فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له، ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة، وأنا خاتم النبيين )). رواه البخاري في كتاب الأنبياء، ومسلم في الفضائل، ج 2 ص 248
ب –عن أبي حازم قال: قاعدت أبا هريرة خمس سنين فسمعته يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال( كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي، وسيكون خلفاء، قالوا: فما تأمرنا؟ قال: فوا ببيعة الأول فالأول )) رواه البخاري في كتاب الأنبياء ج 1 ص 491: ومسلم في كتاب الأمارة، وأحمد في مسنده ج 2 ص 297
جـ – عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال( لا تقوم الساعة حتى يقتل فئتان، فيكون بينهما مقتلة عظيمة دعواهما واحدة، ولا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريبًا من ثلاثين، كلهم يزعم انه رسول الله )) رواه البخاري ومسلم وأحمد.
وعلى أساس هذه النصوص القطعية قد اجتمعت الأمة الإسلامية على أن كل من ادعى النبوة والرسالة أو بأنه ينزل عليه وحي يجب اتباعه كحجة شرعية، فإنه كافر خارج عن الملة.
يقول القاضي عياض رحمه الله تعالى في الشفاء (ص 362 طبع الهند )، "لأنه أخبر أنه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين ولا نبي بعده وأخبر عن الله تعالى أنه خاتم النبيين، وأجمعت الأمة على حمل هذا الكلام على ظاهره أن مفهومه المراد به دون تأويل ولا تخصيص، ولا شك في كفر هؤلاء الطوائف كلها قطعًا إجماعيًا وسمعًا" يقول الشيخ علي القاري في شرح الفقه الأكبر ص 202:
"ودعوة النبوة بعد نبينا صلى الله عليه وسلم كفر بالإجماع".
ولم يفرق هذه النصوص القطعية ولا الإجماع المنعقد على هذه العقيدة بين دعوى النبوة التشريعية وغير التشريعية، فكل منهما كفرلا مجال له في الإسلام.
وبما أن مرزا غلام أحمد القادياني قد ادعى لنفسه النبوة والرسالة كما هو ظاهر من مقتبسات كتبه المذكورة في ضميمة "الف" من الاستفتاء، فإنه كافر خارج عن الإسلام، وأما ما تأول به من أن نبوته ظل لنبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فإن هذا التأويل لا يفيد في هذا الصدد شيئًا، وذلك لوجهين:
الأول: أننا قد ذكرنا أن عقيدة ختم النبوة لا تقبل أي تأويل أو تخصيص، ولذلك أبدًا عن تأويل يتأول به، ولا دليل يعتمد عليه، وإنما حكمت بكفره وخروجه عن الإسلام بمجرد ادعائه النبوة، ولذلك قاتل الصحابة رضي الله عنهم مسيلمة الكذاب والأسود العنسي وطليحة بن خويلد المتنبئين الذين كان عندهم تأويل ما يدعونه من النبوة والرسالة.
والوجه الثاني: النبوة الظلية أو البروزية التي تأول بها المتنبي القادياني ليست في زعمه نبوة دون نبوة الأنبياء الآخرين، وإنما هي نبوة تفوق درجة على نبوة جميع الأنبياء بني إسرائيل فإن هذه النبوة كما يزعمها المتنبي القادياني لا يعطاها أي أحد من الناس، حتى يجوز جميع فضائل سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ويجمع بين جميع أوصاف كماله، بحيث يصبح ظهورًا ثانيًا لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم نفسه، ولذلك ادعى هذا المتنبي الكذاب في كتابه "ايك غلطى كا ازاله" ( ص 10 و 11):
"وسماني الله محمدًا وأحمد في "براهين أحمدية" قبل عرين عامًا، واعتبرني وجود محمد صلى الله عليه وسلم نفسه، ولذا لم يتزلزل ختم نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، بنبوتي، لأن الظل لا ينفصل عن أصله، ولأنني محمد ظليًا، ولذا لم ينفض ختم النبوة، لأن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم لم تزل محدودة على محمد، أي بقي محمد صلى الله عليه وسلم نبيًا لا غير، أعني لما كنت محمدًا صلى الله عليه وسلم بروزيًا وانعكست الكمالات المحمدية مع النبوة المحمدية في اللون البروزي في مرآتي الظلية، فأي إنسان منفرد ادعى النبوة على حياله؟"
ويقول ابنه مرزا بشير أحمد القادياني في كتابه "كلمة الفصل" وريويو آف ريلجينز مارس أبريل، 1915م:
"ومن الواضح أن الأنبياء في العصور الماضية لم يكونوا يجمعون بالضرورة –كل الكمالات التي جمعت في محمد صلى الله عليه وسلم، بل كل نبي كان يعطى من الكمالات حسب عمله واستعداده قلة وكثرة إلا أن المسيح الموعود (يعني به مرزا غلام أحمد القادياني) أعطي النبوة عندما اكتسب جميع الكمالات المحمدية، واستحق أن يقال له "النبي الظلي" فالنبوة الظلية لم تؤخر قدم المسيح الموعود (يعني المتنبي القادياني) قبل قدمتها إلى الأمام، إلى أن أقامته جنبًا إلى جنب مع النبي صلى الله عليه وسلم.
يقول ابنه وخليفته الثاني مرزا بشير الدين محمود:
"فالنبوة الظلية والبروزية ليست نبوة بسيطة، لأنها لو كانت كذلك لما قال المسيح الموعود (يعني المتنبي القادياني) في أحد أنبياء بني إسرائيل، اتركوا ذكر ابن مريم فغلام أحمد خير منه.
([القول الفصل] ص 16، طبع ضياء الإسلام، قاديان 1915م).
وصرح بذلك القاضي ظهور الحق اكمل، وكان مدير المجلة القاديانية "ريويو آف ريليجنز" في أبياته التي نشرت في صحيفة "بدر" 25 أكتوبر 1916م:
"إن محمدًا قد نزل فينا ثانيًا، وهو أعلى شأنًا من الأول، من كان يريد رؤية محمد، فلينظر غلام أحمد في قاديان".
وقد أعلن هذا الرجل نفسه في مجلة "الفضل" القاديانية المعروفة (22 أغسطس 1916م) أنه عرض هذه الأبيات على مرزا غلام أحمد القادياني، فأثنى عليه بقوله جزاك الله، وأخذها إلى بيته، وذكرهذا الرجل أنه قد استلهم مفهوم هذه الأبيات من "الخطبة الإلهامية" للقادياني التي قال فهيا:
"الحق أن روحانية عليه السلام في آخر الألف السادس –أعني في هذه الأيام- أشد وأقوى من تلك الأعوام، ولذلك لا تحتاج إلى الحسام ولا إلى حزب المحاربين، ولذلك اختار الله سبحانه لبعث المسيح الموعود (بعني به القادياني نفسه) عدة من مئات كعدة ليلة البدر من هجرة سيدنا خير الكائنات لتدل تلك العدة على مرتبة كمال تام من مراتب الترقيات، وهى أربع مائة بعد الألف من خاتم النبيين.
(الخطبة الإلهامية ص 47 طبع الجمعية الأحمدية لاهور).
فتبين من هذه المقتبسات أن النبوة الظلية كما يزعمها القادياني وأتباعه، نوع من النبوة يفوق نبوة سائر أنبياء بني إسرائيل، بل هو أقوى وأكمل من نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم –والعياذ بالله العظيم- فادعاؤه مثل هذه النبوة كفر صريح لا شبهة في كونه منافيًا للنصوص القطعية الدالة على أنه لا نبي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فثبت أن مرزا غلام أحمد القادياني وأتباعه القاديانيين خارجون عن ملة الإسلام دون أي شك وتردد.
رد: فتاوى مجمع الفقه الإسلامي في القاديانية
3- لما ثبت أن مرزا غلام أحمد القادياني كافر خارج عن ملة الإسلام بسب ادعائه النبوة، فإن كل من يصدقه في دعاويه ويعتبره إمامًا في الدين يجب إطاعته واتباعه، فإنه كافر أيضًا، فضلًا عن اعتباره المسيح الموعود والمهدي والمجدد، وبما أن ااطائفة اللاهورية من أتباع مرزا غلام أحمد القادياني المتنبي تعتبره المسيح الموعود والمهدي والمجدد، أنه كان ينزل عليه وحي يجب اتباعه، فحكمها في الخروج عن الإسلام كحكم الطائفة القاديانية سواء بسواء، وإن الدراسة الدقيقة لمعتقدات هذه الطائفة اللاهورية، تدل على أنه ليس هناك فرق أساسي بين معتقدات الطائفتين، وإنما هو فرق لفظي إنما نشأ لأسباب أساسية.
وتوضيح لذلك أنه لم يكن هناك أي فرق بين الطائفتين في حياة مرزا غلام أحمد القادياني ولا في عهد خليفته الأول حكيم نور الدين، وكان جميع أتباع مرزا غلام أحمد القادياني خلال هذه المدة الطويلة يلقبونه نبيًا ورسولًا، وبقي محمد علي اللاهوري (رئي الطائفة اللاهورية) برهة من الزمن رئيس تحرير لمجلة ريويو آف ريليجنز، ولم يزل في كتاباته في تلك المجلة يلقب مرزا غلام أحمد القادياني نبيًا ورسولًا، ويعترف له بجميع صفات النبوة دون أي فرق بينه وبين أتباع مرزا الآخرين، فيقول مثلًا:
"مهما يفسر المخالف، إلا أننا قائلون: إن الله قادر على أن يخلق نبيًا ويختار صديقًا.. والذي بايعناه (أي المرزا) كان صادقًا، وكان رسول الله المختار المقدس".
(مجلة "الفرقان" يناير 1942 م نقلًا عن جريدة "الحكم" 18 يوليو 1908م).
وقد نشرت صيحفة الجماعة اللاهورية "بيغام صلح" بيانًا عن الجماعة اللاهورية كلها، وهذا نصه:
"نحن نرى حضرة المسيح الموعود والمهدي المعهود نبي هذا العصر ورسوله ومنقذه".
(بيغام صلح 16 أكتوبر 1913م بحوالة "الفرقان" يناير 1942م).
ولكن عندما توفي الخليفة الأول حكيم نور الدين، واختار كثير من الناس مرزا بشير الدين خليفته الثاني، حدث هناك نزاع سياسي بين محمد علي اللاهوري ومرزا بشير الدين محمود، واعتزل محمد علي اللاهوري عن الجماعة القاديانية، وأسس هناك جماعته، وأصدر من قبلها قرارًا وهذا نصه:
"إنا نجيز اختيار مرزا بشيرالدين محمود كأمير لمجرد أن يبايع غير الأحمديين باسم أحمد، ويدخله في السلسة الأحمدية، ولكن لا نرى أن الحاجة إلى أن يبايعه الأحمديون ثانيًا.. وليس للأمير أن يتصرف في حقوق رئيس الجمعية الأحمدية وامتيازاته التي منحها له حضرة المسيح الموعود، واختاره لنفسه ثانيًا".
(الفرقان يناير 1942م نقلًا عن "بيغام صلح" 24 مارس 1914م)
قد تبين من هذا القرار أن الجماعية اللاهورية لم يكن لها أي اعتراض على الجماعة القاديانية ولم ير مرزا بشيرالدين غير أهل للخلافة، وإنما كان النزاع في أن تفوض كل الاختيارات إلى الجماعة اللاهورية لا إلى الخليفة.
وبناء على هذا الخلاف السياسي لما بدأت الجماعة القاديانية تضطهد الجماعة اللاهورية في مجالات الحياة، اضطرت الجماعة اللاهورية إلى اكتساب عطف المسلمين، وبدأوا يقولون إنهم لا يرون مرزا غلام أحمد القادياني نبيًا، بل يعتبرونه المسيح الموعود والمهدي والمجدد من غير أن يعلن برجوعه من كتاباته السابقة.
والحق أن تقولهم هذا ليس إلا حيلة لفظية، فإن الجماعة اللاهورية تقصد من لفظ المسيح الموعود والمهدي والمجدد، عين ما تقصده الجماعة القاديانية من لفظ النبي الظلي و"البروزي" وهذا محمد علي اللاهوري يقول في كتابه "النبوة في الإسلام" وقد ألفه بعد انفصال جماعته عن الجماعة القاديانية:
"إن المسيح الموعود في كتاباته السابقة واللاحقة قرر أصلًا واحدًا، وهو أن باب النبوة مسدود، غير أن نوعًا من النبوة يمكن الحصول عليه، ولا نقول: إن باب النبوة مفتوح، بل نقول إن باب النبوة مسدود، غير أن نوعًا من النبوة مازال باقيًا ويستمر إلى يوم القيامة، ولا نقول: إنه يمكن لشخص أن يصير نبيًا، بل نقول إن نوعًا من النبوة يمكن الحصول عليه عن طريق اتباع النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الذي سمي بالمبشرات في مكان، وبالنبوة الجزئية في مكان آخر، وبالمحدثية في موضع، وبكثيرة المكالمة في موضع آخر، ومهما تغيرت الأسماء فقد تقررت علامته، وهي أنه يحصل باتباع الإنسان الكامل محمد صلى الله عليه وسلم، وبالفناء في الرسول، وهو مستفاض من النبوة المحمدية، وهو نور المصباح النبوي، وليس شيئًا مستقلًا بل هو ظل" (النبوة في الإسلام ص 158).
أليس هذا تلاعب بالألفاظ لبيان فلسفة الظل والبروز التي سبق ذكرها في عبارات الجماعات القاديانية؟ فإن كان الأمر كذلك –وهو كذلك- فهل يبقى هناك فرق بين الجماعة القاديانية والجماعة اللاهورية؟ ثم إن هذا ليست عقيدة محمد علي فحسب، بل هي عقيدة الجماعة اللاهورية كلها، فقد صرح مندوب الجماعة اللاهورية في المناقشة التي جرت بين الفريقين في راولبندي، وقد نشرها الفريقان على نفقتهما قائلًا:
إن حضرته –المرزا- ظل كامل من ظلال النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك سميت زوجته – "بأم المؤمنين" – وهذا أيضًا مرتبة ظلية".
واعترف أيضًا قائلًا:
إن حضرة المسيح الموعود ليس نبيًا، غير أن نبوة محمد علي صلى الله عليه وسلم انعكست عليه"
(مباحثة راولبندي ص 196).
وكل هذه العقائد يؤمن بها الجماعة اللاهورية حتى اليوم، وقد تبين من هذا أن الخلاف بين الجماعتين هو خلاف لفظي فقط، فالجماعة اللاهورية وإن كانت تسمى المرزا بلقب "المسيح الموعود" و"المجدد" غير أنها تعني من هذه الكلمات نفس المعنى التي تعنيه الجماعة القاديانية من ألفاظ "النبي الظلي" و"البروزي" أو "النبي غير التشريعي" أو "النبي من الأمة".
ولا فرق بين الطائفتين، من حيث إن كلتيهما تعتقدان أن مرزا غلام أحمد القادياني المتنبئ كان ينزل عليه وحي "يجب اتباعه على سائر الناس، وأن جميع ما كتبه أو ادعاه في كتاباته حق، يجب إطاعته على كل مسلم، بل يصرح محمد علي اللاهوري في مقدمة كتابه "النبوة في الإسلام" أن الطائفة اللاهورية أشد إيمانًا بالمرزا غلام أحمد بالنسبة إلى الطائفة القاديانية، فيقول مخاطبًا الطائفة القاديانية:
"إنكم بجعله – أي المرزا- نبيًا كاملًا، لا تعترفون له برتبة أعلى مما نعترف به نحن، بجعل نبوته جزئيًا، والحق أننا نؤمن بوجوب اتباع وحيه إلى حد مساو لما تؤمنون، بل إننا نؤمن به عملًا، أكثر مما تؤمنون به".
(النبوة في الإسلام، ص 23 طبع لاهور 1915م)
وأما المسألة الثانية التي تدعى الطائفة اللاهورية أنها تمتاز فيها عن الطائفة القاديانية هي مسألة تكفير المسلمين، فتدعي الطائفة اللاهورية أنها لا تكفر مسلمًا لا يؤمن بمرزا غلام أحمد القادياني، بينما الطائفة القاديانية تكفر جميع المسلمين الذين لا يؤمنون به، والحقيقة أنه لا فرق بين الطائفتين عملًا من هذا الجهة أيضًا، لأن الطائفة اللاهورية تقول: لا نفكر من لم يؤمن بمرزا، ولكن نكفر من "كذبه" أو "كفره" وظاهر أن كل من لا يؤمن بمرزا غلام أحمد فإنه يكذبه في دعاويه، ولا يوجد على وجه الأرض من لا يؤمن بمرزا بعد علم بدعاويه ثم يزعمه صادقًا ولا يكذبه، فهناك بين العارفين بمرزا غلام أحمد قسمان لا ثالث لهما، إما المؤمنون به، وإما المكذبون إياه، وكل من يكذب بمرزا غلام أحمد فهو كافر عند الطائفة اللاهورية فيقول محمد علي الللاهوري في كتابه "رد تكفير أهل القبلة".
"إن حضرة المسيح الموعود لم يعتبر إنكاره أو إنكار دعواه سببًا للكفر وإنما جعل سب التكفير هو أنه كفره مفتريًا، فعاد عليه الكفر بناء على الحديث الذي يرد الكفر على المكفر إذا لم يكن هو كافرًا".
ويضيف إلى ذلك قائلًا:
لأن المكفر والمكذب متساويان معنى، أي من يكفر المدعي –المرزا- ومن يكذبه متساويان معنى أي كلاهما يكفرانه فلذلك كلاهما داخلان في الكفر في ضوء هذا الحديث".
(رد تكفير أهل القبلة ص 29 و 39 طبع 1926م)
ومن هذه الجهة فإنه لا فرق بين الطائفتين من أتباع المرزا في مسالة التكفير أيضًا، وبعد إثبات ما ذكرنا فإنه يوجد في الطائفة اللاهورية أسباب تالية يكفي كل واحد منها في تكفيرهم.
1- لقد ثبت قطعًا أن مزا غلام حمد ليس هو المسيح الذي وعد به عند قرب الساعة، وأن الاعتراف بكونه ذلك المسيح تكذيب للقرآن الكريم، والسنة المتواترة وإجماع الأمة ، ولما كانت الطائفة اللاهورية تؤمن بأن المرزا هو المسيح الموعود فإنها كافرة خارجة عن الإسلام.
2- قد ثبت قطعًا أن مرزا غلام أحمد القادياني ادعى النبوة في تقولاته وكتاباته، وأهان الأنبياء عليهم السلام وفضل نفسه على جميع الأنبياء، فلا يبقى مسلمًا من اعتبره إمًاما في دينه.
3- سبق أن ذكرنا أن الجماعة اللاهورية تعتقد أن مرزا غلام أحمد القادياني ظل وبروز للنبي صلى الله عليه وسلم والعياذ بالله وأن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم قد انعكست فيه، وبهذا الاعتبار يصح إطلاق النبوة عليه، وأن هذه العقيدة لا تسعها دائرة الإسلام أبدًا.
4- وعلاوة على دعوى النبوة، فإن مؤلفات مرزا غلام أحمد القادياني مليئة بالكفريات الأخرى وإن الجماعة اللاهورية تؤمن بجميع هذه الكفريات وتعتبر كتب هذا المتنبئ حجة واجبة الإطاعة، فتشارك مرزا غلام أحمد القادياني في جميع كفرياته.
4- السؤال الرابع:
أن كون رجل مسلمًا أو كافرًا يتوقف على عقائده وأفكاره، وإن هذه المسألة مسألة عقيدية وكلامية بحتة، ولا يجوز أن يتدخل فيها رجل ليس له معرفة بعلم القرآن والسنة ولا يجوز "لمحكمة علمانية " أن تحكم في هذه المسألة الدينية الخالصة، ولاسيما بعد ما بت المسلمون في مسألة إسلام القاديانيين برأي انعقد الإجماع عليه، فلو حكمت محكمة علمانية بحكم مضاد لما أجمعت عليه الأمة الإسلامية لن يقبل حكمها في ذلك شرعًا، وأن رأيها في ذلك لا يوازي حبة خردل.
والله سبحانه وتعالى أعلم
وعلمه أحكم وأتم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
قرار المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة
القرار الثالث
حكم القاديانية والانتماء إليها
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد:
فقد استعرض مجلس المجمع الفقهي موضوع الفئة القاديانية التي ظهرت في الهند في القرن الماضي (التاسع عشر الميلادي) والتى تسمى أيضًا (الأحمدية) ودرس المجلس نحلتهم التي قام بالدعوة إليها مؤسس هذه النحلة مرزا غلام أحمد القادياني 1876م مدعيًا أنه نبي يوحى إليه، وأنه المسيح الموعود، وأن النبوة لم تختم بسيدنا محمد بن عبد الله رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم (كما هي عليه عقيدة المسلمين بصريح القرآن العظيم والسنة)، وزعم أنه قد أنزل عليه، وأوحى إليه أكثر من عشرة آلاف آية، وإن من يكذبه كافر، وأن المسلمين يجب عليهم الحج إلى قاديان، لأنها البلدة المقدسة كمكة والمدينة، وأنها هي المسماة في القرآن بالمسجد الأقصى كل ذلك مصرح به في كتابه الذي نشره بعنوان (براهين أحمدية) وفي رسالته التي نشرها بعنوان (التبليغ).
واستعرض مجلس المجمع أيضًا أقوال وتصريحات ميرزا بشير الدين بن غلام أحمد القادياني وخليفته، ومنها ما جاء في كتابه المسمى (آينية صداقت) من قوله "إن كل مسلم لم يدخل في بيعة المسيح الموعود (أي والده مرزا غلام أحمد القادياني ) سواء سمع باسمه أو لم يسمع فهو كافر وخارج عن الإسلام (الكتاب المذكور صفحة 35) وقوله أيضًا في صحيفتهم القاديانية (الفضل) فيما يحكيه هو عن والده غلام أحمد نفسه إنه قال: "إننا نخالف المسلمين في كل شيء: في الله، فى الرسول، في القرآن، في الصلاة، في الصوم، في الحج، في الزكاة وبيننا خلاف جوهري في كل ذلك" (صحيفة) الفضل في 30 من تموز/ يوليو 1931م.
وجاء أيضًا في الصحيفة نفسها (المجلد الثالث) ما نصه "إن ميرزا هو النبي محمد صلى الله عليه وسلم " زاعمًا أنه هو مصداق قول القرآن حكاية عن سيدنا عيسى عليه السلام (ومبشرًا برسول يأتي من بعده اسمه أحمد) "كتاب إنذار الخلافة ص 21"، واستعرض المجلس أيضًا ما كتبه ونشره العلماء والكتاب الإسلاميون الثقات عن هذه الفئة القاديانية الأحمدية لبيان خروجهم عن الإسلام خروجًا كليًا.
وبناء على ذلك اتخذ المجلس النيابي الإقليمي لمقاطعة الحدود الشمالية في دولة باكستان قرارًا في عام 1974 بإجماع أعضائه يعتبر فيه الفئة القاديانية بين مواطني باكستان أقلية غير مسلمة، ثم في الجمعية الوطنية (مجلس الأمة الباكستاني العام لجميع المقاطعات وافق أعضاؤها بالإجماع أيضًا على اعتبار فئة القاديانية أقلية غير مسلمة.
يضاف إلى عقيدتهم هذه ما ثبت بالنصوص الصريحة من كتب مرزا غلام أحمد القادياني نفسه ومن رسائله الموجهة إلى الحكومة الإنكليزية في الهند التي يستدرها ويستديم تأييدها وعطفها من إعلانه تحريم الجهاد، وأنه ينفي فكرة الجهاد ليصرف قلوب المسلمين إلى الإخلاص للحكومة الإنجليزية المستعمرة في الهند لأن فكرة الجهاد التي يدين بها بعض جهال المسلمين تمنعهم من الإخلاص للإنكليز، ويقول في هذا الصدد في ملحق كتابه (شهادة القرآن) الطبعة السادسة ص 17 ما نصه ( (أنا مؤمن بأنه كلما ازداد أتباعي وكثر عددهم قل المؤمنون بالجهاد لأنه يلزم من الإيمان بأني المسيح أو المهدي إنكار الجهاد) تنظر رسالة الأستاذ الندوي نشرة الرابطة ص 25.
وبعد أن تداول مجلس المجمع الفقهي في هذه المستندات وسواها من الوثائق المفصحة عن عقيدة القاديانيين ومنشئها وأسسها وأهدافها الخطيرة في تهديم العقيدة الإسلامية الصحيحة وتحويل المسلمين عنها تحويلًا وتضليلًا، قرر المجلس بالإجماع اعتبار العقيدة القاديانية المسماة أيضًا بالأحمدية عقيدة خارجة عن الإسلام خروجًا كاملًا، وأن معتنقيه كفار مرتدون عن الإسلام، وأن تظاهر أهلها بالإسلام إنما هو للتضليل والخداع، ويعلن مجلس المجمع الفقهي أنه يجب على المسلمين حكومات وعلماء وكتابًا ومفكرين ودعاة وغيرهم مكافحة هذه النحلة الضالة وأهلها في كل مكان من العالم وبالله التوفيق.
وتوضيح لذلك أنه لم يكن هناك أي فرق بين الطائفتين في حياة مرزا غلام أحمد القادياني ولا في عهد خليفته الأول حكيم نور الدين، وكان جميع أتباع مرزا غلام أحمد القادياني خلال هذه المدة الطويلة يلقبونه نبيًا ورسولًا، وبقي محمد علي اللاهوري (رئي الطائفة اللاهورية) برهة من الزمن رئيس تحرير لمجلة ريويو آف ريليجنز، ولم يزل في كتاباته في تلك المجلة يلقب مرزا غلام أحمد القادياني نبيًا ورسولًا، ويعترف له بجميع صفات النبوة دون أي فرق بينه وبين أتباع مرزا الآخرين، فيقول مثلًا:
"مهما يفسر المخالف، إلا أننا قائلون: إن الله قادر على أن يخلق نبيًا ويختار صديقًا.. والذي بايعناه (أي المرزا) كان صادقًا، وكان رسول الله المختار المقدس".
(مجلة "الفرقان" يناير 1942 م نقلًا عن جريدة "الحكم" 18 يوليو 1908م).
وقد نشرت صيحفة الجماعة اللاهورية "بيغام صلح" بيانًا عن الجماعة اللاهورية كلها، وهذا نصه:
"نحن نرى حضرة المسيح الموعود والمهدي المعهود نبي هذا العصر ورسوله ومنقذه".
(بيغام صلح 16 أكتوبر 1913م بحوالة "الفرقان" يناير 1942م).
ولكن عندما توفي الخليفة الأول حكيم نور الدين، واختار كثير من الناس مرزا بشير الدين خليفته الثاني، حدث هناك نزاع سياسي بين محمد علي اللاهوري ومرزا بشير الدين محمود، واعتزل محمد علي اللاهوري عن الجماعة القاديانية، وأسس هناك جماعته، وأصدر من قبلها قرارًا وهذا نصه:
"إنا نجيز اختيار مرزا بشيرالدين محمود كأمير لمجرد أن يبايع غير الأحمديين باسم أحمد، ويدخله في السلسة الأحمدية، ولكن لا نرى أن الحاجة إلى أن يبايعه الأحمديون ثانيًا.. وليس للأمير أن يتصرف في حقوق رئيس الجمعية الأحمدية وامتيازاته التي منحها له حضرة المسيح الموعود، واختاره لنفسه ثانيًا".
(الفرقان يناير 1942م نقلًا عن "بيغام صلح" 24 مارس 1914م)
قد تبين من هذا القرار أن الجماعية اللاهورية لم يكن لها أي اعتراض على الجماعة القاديانية ولم ير مرزا بشيرالدين غير أهل للخلافة، وإنما كان النزاع في أن تفوض كل الاختيارات إلى الجماعة اللاهورية لا إلى الخليفة.
وبناء على هذا الخلاف السياسي لما بدأت الجماعة القاديانية تضطهد الجماعة اللاهورية في مجالات الحياة، اضطرت الجماعة اللاهورية إلى اكتساب عطف المسلمين، وبدأوا يقولون إنهم لا يرون مرزا غلام أحمد القادياني نبيًا، بل يعتبرونه المسيح الموعود والمهدي والمجدد من غير أن يعلن برجوعه من كتاباته السابقة.
والحق أن تقولهم هذا ليس إلا حيلة لفظية، فإن الجماعة اللاهورية تقصد من لفظ المسيح الموعود والمهدي والمجدد، عين ما تقصده الجماعة القاديانية من لفظ النبي الظلي و"البروزي" وهذا محمد علي اللاهوري يقول في كتابه "النبوة في الإسلام" وقد ألفه بعد انفصال جماعته عن الجماعة القاديانية:
"إن المسيح الموعود في كتاباته السابقة واللاحقة قرر أصلًا واحدًا، وهو أن باب النبوة مسدود، غير أن نوعًا من النبوة يمكن الحصول عليه، ولا نقول: إن باب النبوة مفتوح، بل نقول إن باب النبوة مسدود، غير أن نوعًا من النبوة مازال باقيًا ويستمر إلى يوم القيامة، ولا نقول: إنه يمكن لشخص أن يصير نبيًا، بل نقول إن نوعًا من النبوة يمكن الحصول عليه عن طريق اتباع النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الذي سمي بالمبشرات في مكان، وبالنبوة الجزئية في مكان آخر، وبالمحدثية في موضع، وبكثيرة المكالمة في موضع آخر، ومهما تغيرت الأسماء فقد تقررت علامته، وهي أنه يحصل باتباع الإنسان الكامل محمد صلى الله عليه وسلم، وبالفناء في الرسول، وهو مستفاض من النبوة المحمدية، وهو نور المصباح النبوي، وليس شيئًا مستقلًا بل هو ظل" (النبوة في الإسلام ص 158).
أليس هذا تلاعب بالألفاظ لبيان فلسفة الظل والبروز التي سبق ذكرها في عبارات الجماعات القاديانية؟ فإن كان الأمر كذلك –وهو كذلك- فهل يبقى هناك فرق بين الجماعة القاديانية والجماعة اللاهورية؟ ثم إن هذا ليست عقيدة محمد علي فحسب، بل هي عقيدة الجماعة اللاهورية كلها، فقد صرح مندوب الجماعة اللاهورية في المناقشة التي جرت بين الفريقين في راولبندي، وقد نشرها الفريقان على نفقتهما قائلًا:
إن حضرته –المرزا- ظل كامل من ظلال النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك سميت زوجته – "بأم المؤمنين" – وهذا أيضًا مرتبة ظلية".
واعترف أيضًا قائلًا:
إن حضرة المسيح الموعود ليس نبيًا، غير أن نبوة محمد علي صلى الله عليه وسلم انعكست عليه"
(مباحثة راولبندي ص 196).
وكل هذه العقائد يؤمن بها الجماعة اللاهورية حتى اليوم، وقد تبين من هذا أن الخلاف بين الجماعتين هو خلاف لفظي فقط، فالجماعة اللاهورية وإن كانت تسمى المرزا بلقب "المسيح الموعود" و"المجدد" غير أنها تعني من هذه الكلمات نفس المعنى التي تعنيه الجماعة القاديانية من ألفاظ "النبي الظلي" و"البروزي" أو "النبي غير التشريعي" أو "النبي من الأمة".
ولا فرق بين الطائفتين، من حيث إن كلتيهما تعتقدان أن مرزا غلام أحمد القادياني المتنبئ كان ينزل عليه وحي "يجب اتباعه على سائر الناس، وأن جميع ما كتبه أو ادعاه في كتاباته حق، يجب إطاعته على كل مسلم، بل يصرح محمد علي اللاهوري في مقدمة كتابه "النبوة في الإسلام" أن الطائفة اللاهورية أشد إيمانًا بالمرزا غلام أحمد بالنسبة إلى الطائفة القاديانية، فيقول مخاطبًا الطائفة القاديانية:
"إنكم بجعله – أي المرزا- نبيًا كاملًا، لا تعترفون له برتبة أعلى مما نعترف به نحن، بجعل نبوته جزئيًا، والحق أننا نؤمن بوجوب اتباع وحيه إلى حد مساو لما تؤمنون، بل إننا نؤمن به عملًا، أكثر مما تؤمنون به".
(النبوة في الإسلام، ص 23 طبع لاهور 1915م)
وأما المسألة الثانية التي تدعى الطائفة اللاهورية أنها تمتاز فيها عن الطائفة القاديانية هي مسألة تكفير المسلمين، فتدعي الطائفة اللاهورية أنها لا تكفر مسلمًا لا يؤمن بمرزا غلام أحمد القادياني، بينما الطائفة القاديانية تكفر جميع المسلمين الذين لا يؤمنون به، والحقيقة أنه لا فرق بين الطائفتين عملًا من هذا الجهة أيضًا، لأن الطائفة اللاهورية تقول: لا نفكر من لم يؤمن بمرزا، ولكن نكفر من "كذبه" أو "كفره" وظاهر أن كل من لا يؤمن بمرزا غلام أحمد فإنه يكذبه في دعاويه، ولا يوجد على وجه الأرض من لا يؤمن بمرزا بعد علم بدعاويه ثم يزعمه صادقًا ولا يكذبه، فهناك بين العارفين بمرزا غلام أحمد قسمان لا ثالث لهما، إما المؤمنون به، وإما المكذبون إياه، وكل من يكذب بمرزا غلام أحمد فهو كافر عند الطائفة اللاهورية فيقول محمد علي الللاهوري في كتابه "رد تكفير أهل القبلة".
"إن حضرة المسيح الموعود لم يعتبر إنكاره أو إنكار دعواه سببًا للكفر وإنما جعل سب التكفير هو أنه كفره مفتريًا، فعاد عليه الكفر بناء على الحديث الذي يرد الكفر على المكفر إذا لم يكن هو كافرًا".
ويضيف إلى ذلك قائلًا:
لأن المكفر والمكذب متساويان معنى، أي من يكفر المدعي –المرزا- ومن يكذبه متساويان معنى أي كلاهما يكفرانه فلذلك كلاهما داخلان في الكفر في ضوء هذا الحديث".
(رد تكفير أهل القبلة ص 29 و 39 طبع 1926م)
ومن هذه الجهة فإنه لا فرق بين الطائفتين من أتباع المرزا في مسالة التكفير أيضًا، وبعد إثبات ما ذكرنا فإنه يوجد في الطائفة اللاهورية أسباب تالية يكفي كل واحد منها في تكفيرهم.
1- لقد ثبت قطعًا أن مزا غلام حمد ليس هو المسيح الذي وعد به عند قرب الساعة، وأن الاعتراف بكونه ذلك المسيح تكذيب للقرآن الكريم، والسنة المتواترة وإجماع الأمة ، ولما كانت الطائفة اللاهورية تؤمن بأن المرزا هو المسيح الموعود فإنها كافرة خارجة عن الإسلام.
2- قد ثبت قطعًا أن مرزا غلام أحمد القادياني ادعى النبوة في تقولاته وكتاباته، وأهان الأنبياء عليهم السلام وفضل نفسه على جميع الأنبياء، فلا يبقى مسلمًا من اعتبره إمًاما في دينه.
3- سبق أن ذكرنا أن الجماعة اللاهورية تعتقد أن مرزا غلام أحمد القادياني ظل وبروز للنبي صلى الله عليه وسلم والعياذ بالله وأن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم قد انعكست فيه، وبهذا الاعتبار يصح إطلاق النبوة عليه، وأن هذه العقيدة لا تسعها دائرة الإسلام أبدًا.
4- وعلاوة على دعوى النبوة، فإن مؤلفات مرزا غلام أحمد القادياني مليئة بالكفريات الأخرى وإن الجماعة اللاهورية تؤمن بجميع هذه الكفريات وتعتبر كتب هذا المتنبئ حجة واجبة الإطاعة، فتشارك مرزا غلام أحمد القادياني في جميع كفرياته.
4- السؤال الرابع:
أن كون رجل مسلمًا أو كافرًا يتوقف على عقائده وأفكاره، وإن هذه المسألة مسألة عقيدية وكلامية بحتة، ولا يجوز أن يتدخل فيها رجل ليس له معرفة بعلم القرآن والسنة ولا يجوز "لمحكمة علمانية " أن تحكم في هذه المسألة الدينية الخالصة، ولاسيما بعد ما بت المسلمون في مسألة إسلام القاديانيين برأي انعقد الإجماع عليه، فلو حكمت محكمة علمانية بحكم مضاد لما أجمعت عليه الأمة الإسلامية لن يقبل حكمها في ذلك شرعًا، وأن رأيها في ذلك لا يوازي حبة خردل.
والله سبحانه وتعالى أعلم
وعلمه أحكم وأتم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
قرار المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة
القرار الثالث
حكم القاديانية والانتماء إليها
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد:
فقد استعرض مجلس المجمع الفقهي موضوع الفئة القاديانية التي ظهرت في الهند في القرن الماضي (التاسع عشر الميلادي) والتى تسمى أيضًا (الأحمدية) ودرس المجلس نحلتهم التي قام بالدعوة إليها مؤسس هذه النحلة مرزا غلام أحمد القادياني 1876م مدعيًا أنه نبي يوحى إليه، وأنه المسيح الموعود، وأن النبوة لم تختم بسيدنا محمد بن عبد الله رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم (كما هي عليه عقيدة المسلمين بصريح القرآن العظيم والسنة)، وزعم أنه قد أنزل عليه، وأوحى إليه أكثر من عشرة آلاف آية، وإن من يكذبه كافر، وأن المسلمين يجب عليهم الحج إلى قاديان، لأنها البلدة المقدسة كمكة والمدينة، وأنها هي المسماة في القرآن بالمسجد الأقصى كل ذلك مصرح به في كتابه الذي نشره بعنوان (براهين أحمدية) وفي رسالته التي نشرها بعنوان (التبليغ).
واستعرض مجلس المجمع أيضًا أقوال وتصريحات ميرزا بشير الدين بن غلام أحمد القادياني وخليفته، ومنها ما جاء في كتابه المسمى (آينية صداقت) من قوله "إن كل مسلم لم يدخل في بيعة المسيح الموعود (أي والده مرزا غلام أحمد القادياني ) سواء سمع باسمه أو لم يسمع فهو كافر وخارج عن الإسلام (الكتاب المذكور صفحة 35) وقوله أيضًا في صحيفتهم القاديانية (الفضل) فيما يحكيه هو عن والده غلام أحمد نفسه إنه قال: "إننا نخالف المسلمين في كل شيء: في الله، فى الرسول، في القرآن، في الصلاة، في الصوم، في الحج، في الزكاة وبيننا خلاف جوهري في كل ذلك" (صحيفة) الفضل في 30 من تموز/ يوليو 1931م.
وجاء أيضًا في الصحيفة نفسها (المجلد الثالث) ما نصه "إن ميرزا هو النبي محمد صلى الله عليه وسلم " زاعمًا أنه هو مصداق قول القرآن حكاية عن سيدنا عيسى عليه السلام (ومبشرًا برسول يأتي من بعده اسمه أحمد) "كتاب إنذار الخلافة ص 21"، واستعرض المجلس أيضًا ما كتبه ونشره العلماء والكتاب الإسلاميون الثقات عن هذه الفئة القاديانية الأحمدية لبيان خروجهم عن الإسلام خروجًا كليًا.
وبناء على ذلك اتخذ المجلس النيابي الإقليمي لمقاطعة الحدود الشمالية في دولة باكستان قرارًا في عام 1974 بإجماع أعضائه يعتبر فيه الفئة القاديانية بين مواطني باكستان أقلية غير مسلمة، ثم في الجمعية الوطنية (مجلس الأمة الباكستاني العام لجميع المقاطعات وافق أعضاؤها بالإجماع أيضًا على اعتبار فئة القاديانية أقلية غير مسلمة.
يضاف إلى عقيدتهم هذه ما ثبت بالنصوص الصريحة من كتب مرزا غلام أحمد القادياني نفسه ومن رسائله الموجهة إلى الحكومة الإنكليزية في الهند التي يستدرها ويستديم تأييدها وعطفها من إعلانه تحريم الجهاد، وأنه ينفي فكرة الجهاد ليصرف قلوب المسلمين إلى الإخلاص للحكومة الإنجليزية المستعمرة في الهند لأن فكرة الجهاد التي يدين بها بعض جهال المسلمين تمنعهم من الإخلاص للإنكليز، ويقول في هذا الصدد في ملحق كتابه (شهادة القرآن) الطبعة السادسة ص 17 ما نصه ( (أنا مؤمن بأنه كلما ازداد أتباعي وكثر عددهم قل المؤمنون بالجهاد لأنه يلزم من الإيمان بأني المسيح أو المهدي إنكار الجهاد) تنظر رسالة الأستاذ الندوي نشرة الرابطة ص 25.
وبعد أن تداول مجلس المجمع الفقهي في هذه المستندات وسواها من الوثائق المفصحة عن عقيدة القاديانيين ومنشئها وأسسها وأهدافها الخطيرة في تهديم العقيدة الإسلامية الصحيحة وتحويل المسلمين عنها تحويلًا وتضليلًا، قرر المجلس بالإجماع اعتبار العقيدة القاديانية المسماة أيضًا بالأحمدية عقيدة خارجة عن الإسلام خروجًا كاملًا، وأن معتنقيه كفار مرتدون عن الإسلام، وأن تظاهر أهلها بالإسلام إنما هو للتضليل والخداع، ويعلن مجلس المجمع الفقهي أنه يجب على المسلمين حكومات وعلماء وكتابًا ومفكرين ودعاة وغيرهم مكافحة هذه النحلة الضالة وأهلها في كل مكان من العالم وبالله التوفيق.
مواضيع مماثلة
» فتاوى اللجنة الدائمة في القاديانية
» الفقه الأحمدي!!!!
» فتاوى علماء أهل الحديث في القادينية
» القادينية في الإعلام الإسلامي
» القاديانية
» الفقه الأحمدي!!!!
» فتاوى علماء أهل الحديث في القادينية
» القادينية في الإعلام الإسلامي
» القاديانية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى